للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعاصرين له أمورا سحرية كتعليق المصاب بالحمى اسمي فرعون وهامان. والطب والسحر في هذا العصر كانا مختلطين، ومن جهة أخرى نقل ابن سليمان عن محمد البوني كلاما طويلا في الرياضة البدنية والصوفية (١)، وقد عرفنا أن ابن سليمان عاش في منتصف القرن الحادي عشر.

ورغم اشتهار محمد بن أحمد الشريف بكتب المناقب والتصوف فإنه قد ألف أيضا رسالة في الطب النبوي سماها (المن والسلوى في تحقيق معنى حديث لا عدوى). وهي رسالة صغيرة تقع في ثلاث عشرة ورقة حلل فيها معنى الحديث المذكور وانتصر فيها للطب النبوي، وقد أهداها بنفسه إلى السلطان العثماني أحمد باشا سنة ١١٤٩ (٢)، كما أن عبد الله بن عزوز المراكشي التلمساني قد جمع في كتابه: (ذهاب الكسوف ونفي الظلمة في علم الطلب والطبائع والحكمة) (٣) بين التصوف والفلسفة والطب، كما ذكرنا سابقا.

ولكن أبرز من ألف في الطب، بعد ابن حمادوش، هو أحمد بن قاسم البوني (٤). وقد خلط البوني أيضا بين الطب المعروف والطب الروحاني، وله عدة أعمال في هذا المعنى. من ذلك تأليفه المسمى (إعلام أهل القريحة في الأدوية الصحيحة) الذي ألفه سنة ١١١٦، والجزء الذي عثرنا عليه من هذا التأليف ناقص من أوله، لأن أوله هو نهاية الحديث عن أمراض العين، ويأتي بعد ذلك الحديث عن أمراض الأذن والأنف والأسنان والفم والسعال والسل، وقد تحدث البوني فيه أيضا عن أمراض الرحم والذكر وأدوية الجماع وحفظ الأجنة، وتكلم عن الأدوية المسمنة، وعن الحمى، ولدغة الحيات، وأشهى أنواع اللحم، ونحو ذلك، وهو يصف الداء والدواء، ولكنه يأتي بالخرافة وبالعلم معا. فعن سقوط الأجنة نصح المرأة بشرب كمون أو تعليقه، وكذلك


(١) (كعبة الطائفين) ٢/ ٤٦.
(٢) مخطوطة مكتبة كوبروللو (إسطانبول)، رقم ٦٩.
(٣) بروكلمان ٢/ ٧٠٤، ٧١٣. انظر أيضا فقرة الفلك وغيره في هذا الفصل.
(٤) عن حياته انظر الفصل الأول من هذا الجزء.

<<  <  ج: ص:  >  >>