الحظ أن المصادر التي لدينا لا تتحدث عن ثقافته الأولى في الجزائر، ولكنه قد صرح فيما بعد أن كل العلوم تلقاها بالدرس إلا الكيمياء والسيمياء والموسيقى فقد أخذها بالإجازة. ومعنى ذلك أنه جلس للدرس في الجزائر وغيرها على مشائخ الوقت، أمثال المفتي محمد بن نيكرو، والقاضي مصطفى بن رمضان العنابي، والقاضي الأديب محمد بن ميمون الذي كان يسميه (شيخنا). ومن المؤكد أنه درس في المغرب على أحمد الورززي ومحمد البناني، وأحمد السرائري، وأحمد بن المبارك، وحصل منهم على إجازات سجلها في الجزء الثاني من رحلته، وتتلمذ في الطب على عبد الوهاب أدراق طبيب السلطان اسماعيل وأولاده، كما درس على الشيخ محمد زيتونة التونسي، وكان أيضا يسميه (شيخنا)، في مكان لا نعرفه، ولعله الإسكندرية أو تونس. وكان ابن حمادوش معاصرا في الجزائر لعلماء بارزين ذكرنا بعضهم، وخصوصا أحمد بن عمار وابن علي والحسين الورتلاني. فهو إذن من إنتاج القرن الثاني عشر (١٨ م) الذي عرفت فيه الحركة الثقافية نشاطا ملحوظا.
ولكن ثقافة ابن حمادوش كانت تقوم أساسا على عنصرين هامين الأول الرحلة، والثاني قوة الملاحظة والتجربة. فقد بدأ الرحلة وهو صغير السن، فحج سنة ١١٣٠ بالبر عبر تونس، ولا ندري كم بقي في المشرق هذه المرة ومن لاقى من العلماء في تونس وطرابلس ومصر والحرمين، وما الإجازات والدروس التي حضرها. غير أننا نجده سنة ١١٤٥ في المغرب الأقصى حيث جاء في رحلته التي اطلعنا عليها أنه كان هناك عندئذ وأنه كتب قصيدة ليقدمها إلى السلطان عبد الله، غير أنه عدل عن ذلك لسبب غير واضح، ولعله يعود إلى خشونة الحجاب أو لضعف الشعر أو خمول الشهرة، وقد اكتفى ابن حمادوش بقوله (أغناني الله عن لقياه). ويبدو أنه كان يتردد على المغرب للتجارة والعلم. فقد وجدناه أيضا هناك سنة ١١٥٦، حين أطال فيه الإقامة، ووصف نشاطه. فقد درس على عدة مشائخ في تطوان وفاس ومكناس وأجازوه وجلس للتدريس بعض الوقت، واشترى وطالع ونسخ الكتب