وأقاربنا بالكثير من المصادر عن طريق البريد الذي لم ينقطع بيننا طيلة فترة البحث والتحرير. ونشير أيضا إلى أن بعض الفصول قد اعتمدت على مصادر متنوعة بينما بقيت مصادر بعض الفصول الأخرى محدودة إما لعدم وصولنا إليها وإما لأن الموضوع نفسه لم يعالجه إلا القليل من الكتاب.
بنينا خطة الكتاب ليكون بأجزائه المختلفة موسوعة ثقافية جزائرية. وبناء على ذلك فإنك ستلاحظ أنه غطى الآداب والفنون والعلوم والتعليم والدين والتصوف، كما أنه لم يقتصر على مساهمة الجزائريين فقط بل درس مساهمة الفرنسيين أيضا، لأن دراسات الفرنسيين للفن واللغة والآثار والطرق الصوفية وما إلى ذلك، داخلة في صميم موضوعنا الثقافي. إن أعمال المترجمين والمستشرقين والفنانين والمؤرخين الفرنسيين كانت مستوحاة من تراث الجزائر وكانوا يحاولون توجيهه وجهة تخدم المصالح الفرنسية. وهنا يكمن الفرق بين العثمانيين والفرنسيين. فالعثمانيون لم يكتبوا عن الثقافة الجزائرية وإنما تركوا أهل البلاد يتولون ذلك بأنفسهم، أما الفرنسيون فقد تولوا شؤون الثقافة بأنفسهم وزحزحوا عنها علماء وأدباء البلاد. كما غطى الكتاب دور المهاجرين الجزائريين في المشرق والمغرب. ذلك أن الهجرة شملت في أغلب الأحيان رجال العلم والأدب والصحافة والسياسة والدين. فكانت مساهمة المهاجرين في البلاد العربية والإسلامية كبيرة، رغم أن بلادهم الأصلية قد خسرتهم.
والواقع أن هناك صعوبة في هذا الصدد في تحديد الأسماء والمصطلحات والأدوار. فمن هو الجزائري في هذا الكتاب؟ إننا نؤمن بوحدة الثقافة العربية الإسلامية، وإن تتبعنا لدور الجزائريين في الشام أو تونس أو إسطنبول أو غيرها لا يعني فصلهم عن بيئتهم الجديدة التي استبدلوا فيها أهلا بأهل والتي وجدوا فيها الراحة والعزاء عما فقدوه من أرض وولد وجاه. فإذا تحدثنا عن (جزائرية) المكي بن عزوز والطاهر السمعوني وأحفاد الأمير عبد القادر وغيرها فإننا نفعل ذلك لنذكر الجيل الجديد بأجداده الذين ضربوا في الأرض مراغمين والذين أجبرهم الإحتلال على العيش في