للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومذهب المعتزلة أن الله تعالى يريد الإِيمان والطاعة من العبد والعبد يريد الكفر والمعصية لنفسه، فيقع مراد العبد دون مراد الله تعالى، فتكون إرادته غالبة على إرادة الله تعالى، وأما عندنا فكل ما أراده الله تعالى فهو واقع فهو تعالى يريد الكفر من الكافر، ويريد الإِيمان من المؤمن، وعلى هذا فإرادة الله غالبة على إرادة العبد مثلًا إذا كان للرجل على إنسان دين وكان في ذلك المديون قادرًا على أداء الدين وقال والله لأقضين هذا الدين غدًا إن شاء الله تعالى، فإذا جاء الغد ولم يقض غدًا الدين لم يحنث وعلى قول المعتزلة حنث، فعلم من هذه المسألة أن مشيئة الله غالبة دون مشيئة العبد عند أصحابنا إذا علمت أن جميع الأشياء من الخير والشر بمشيئته تعالى وعلمه وقضائه وقدره.

فاعلم أن الطاعات كلها بأمر الله وبمحبته ورضائه وعلمه ومشيئته وقضائه وتقديره، والمعاصي كلها بعلمه وقضائه وتقديره ومشيئته لا بمحبته ولا برضائه ولا بأمره؛ لأن الله تعالى قال: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [البقرة: ٢٠٥]، فلا تتعلق محبته بالفساد من الكفر والمعاصي وقال تعالى: {قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ} [الأعراف: ٢٨] أي: بالقبيح من الكفر والمعاصي، وهذا يدل على أن أمر الله لا يستلزم أن يوافق إرادته بل قد يأمر بالشيء، ولكن لا يريده كإيمان أبي جهل بن هشام وينهى عن السيئ ويريده ككفر أبي جهل، والمعتزلة يقولون: أن أمر الله وإرادته (ق ٦٠٤) متطابقات في كل مأمور به مراد الله وكل منهي عنه ليس بمراد الله وقلنا: إن الأمر والإِرادة قد يختلفان؛ لأن قوله تعالى: {فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ} [النحل: ٣٦] صريح في قولنا وهو أن الأمر بالإِيمان عام في حق الكل، أما إرادة الإِيمان به تعالى بالبعض وقال الله تعالى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [يونس: ٢٥] كذا قاله أحمد بن محمد البهنساوي في شرح (الفقه الأكبر لأبي حنيفة) رحمه الله قال له أي: لبعض وهو محمد بن عبد الله، زيد بن ثابت: ارتجعها إن شئت أي: رجوعها فإنما هي أي: المرأة مطلقة بطلقة واحدة، أي: من الطلاق عند الإِطلاق وأنت أمْلَك بها أي: من غيرك لقوله تعالى في سورة البقرة: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا} [البقرة: ٢٢٨].

قال محمد: هذا أي: الإِطلاق عندنا على ما نوى الزوج، أي: به فإن نوى واحدة، فهي واحدة بائنة، وهو أي: الزوج خاطب من الخطَّاب، بضم فتشديد جمع خاطب

<<  <  ج: ص:  >  >>