ابن كعب بن مالك، كما في رواية البخاري عن عبد الله عن نافع عن ابن كعب بن مالك عن أبيه، والابن عبد الرحمن، كما رجحه الحافظ، وقيل: عبد الله، وبه جزم المزي في (الأطراف)، أن معاذ بن سعد أو سعد بن مُعاذ شك من الراوي، وسعد هذا أشهلي، أسلم بالمدينة بين العقبة الأولى والثانية، وأسلم بإسلامه بنو عبد الأشهل، ودارهم أول دار أسلمت من الأنصار، وسماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيد الأنصار، شهد بدرًا وأُحدًا وغيرها، أخبره أن جارية أي: لا تسم لكعب بن مالك الأنصاري والصحابي الخزرجي، شهد العقبة الثانية، وكان أحد شعراء النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو أحد الثلاثة الذين تخلفوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك، وكف بصره في آخر عمره، كانت ترعى غنمًا له أي: قطعة غنم لكعب بن مالك، بسَلْع، بفتح السين المهملة، وسكون اللام، فعين مهملة: جبل بالمدينة، ومتعلق بترعى، فأصيبت منها شاة بصيغة المجهول، أي: أصابت مقدمة الموت شاة من تلك الغنم، فأدركتها أي: الجارية بتلك الشاة حيّة، فذبحتها بحجر، وفي نسخة: ثم ذبحها ولكنه بمعنى الفاء التعقيبية، كما قال تعالى في سورة المؤمنون:{ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا}[المؤمنون: ١٤]، فسئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال:"لا بأس بها فكلوها". والحديث أخرجه البخاري أيضًا عن كعب بن مالك، أن جارية كانت لهم ترعى بسلع فأبصرت شاة من غنمها موتًا فكسرت حجرًا فذبحتها، (ق ٦٦٦) فقال كعب لأهله: لا تأكلوا حتى آتي النبي - صلى الله عليه وسلم - فأسأله أو حتى أرسل إليه، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - أو بعثه إليه فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأكلها، فالأمر باقي، وفيه جواز التزكية بالحجر، وجواز ما ذبحته المرأة سواء كانت حرة أم أمة كبيرة كانت أو صغيرة، طاهرة كانت أو غير طاهرة؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - أباح ما ذبحته ولم يستفصل، وهذا قول الجمهور، ومالك في (المدونة)، والشافعي، ونقل ابن عبد الحكم عن مالك الكراهة، وأخرجه البخاري عن إسماعيل عن مالك، وتابعه عبيد الله وجويرية بن إسماعيل عند البخاري، والليث بن سعد عند الإِسماعيلي وعلَّقه البخاري الثلاثة عن نافع، كذا قاله الزرقاني (١).
قال محمد: وبهذا كله نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما رواه سعد بن معاذ، كل شيء أفرى بفتح الهمزة وسكون الفاء قراءة مفتوحة وتحتية على وزن أقطع لفظًا ومعنًا،