للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأوداج بفتح الهمزة وسكون الواو ودال مهملة، فألف وجيم: جمع ودج، أي: العروق التي تحيط بالعنق لقطع في الذبح، أي: كل محدة تشق العروق المحيطة بالعنق، وأنهر الدم أي: أساله وكثر، فذبحتَ به فلا بأس بذلك، أي: الذبح بكل ما وصف، إلا السن والظفر بفتحتين وسكون الثاني، وبكسر السين وتشديد النون، وذلك لما أخرجه البخاري (١) عن عبادة بن رفاعة بن رافع عن جده، أنه قال: يا رسول الله، ليس لنا مدي، فقال: "ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل، ليس الظفر والسن، أما الظفر فمدي الحبشة، وأما السن فعظم"، والعظم أي: مطلقًا، فإنه مكروه أن يذبح بشيءٍ منه، وذلك أن العظم يتنجس بالدم إذا ذبح به، وقد نهينا عن تنجيسه لأنه زاد إخواننا من الجن، وأما الظفر فإن الجِنَّة يحلونه محل المدي، ومذهبنا النهي عن التشبه بالكفار، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.

قال صاحب (الهداية): فكلموا في معنى المكروه والمروي عن محمد نصًا أن كل مكروه حرام؛ إلا أنه لم يجد نصّا قاطعًا لم يطلق عليه لفظ الحرام، وعن أبي حنيفة وأبي يوسف أنه إلى الحرام أقرب. انتهى. وهذا في كراهة التحريم، وفي (الحاشية اليعقوبية) أن المكروه كراهة التنزيه، وعند محمد كان تركه أولى مع عدم المنع عن الفعل، ويقابله المندوب، أي: ما كان فعله أولى مع عدم المنع عن الترك. انتهى.

وفي كلام ابن الهمام أن الحرام في مقابلة الفرض، وكراهة التحريم في مقابلة الوجوب، وكراهة التنزيه في مقابلة السنة، كما قاله علي القاري.

* * *

٦٤٢ - أخبرنا مالك، أخبرنا يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيّب أنه كان يقول ما ذبح به إذا بَضَعَ فلا بأس به إذا اضْطُررتَ إليه.

قال محمد: وبهذا نأخذ، لا بأس بذلك كلِّه، على ما فسرت لك، وإن


(١) البخاري (٥٢٢٣)، (٥/ ٢١٠٦).
(٦٤٢) إسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>