للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون كاذبًا في حق غيره لعدم إحلافه في إثباته ونفيه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لِحُويِّصَة ومُحَيِّصَة وعبد الرحمن: "تحلفون، وليحيى: أتحلفون؟ بهمزة الاستفهام، يعني: خمسين رجلًا، وتستحقون دم صاحبكم؟ " أي: قصاصًا على ما هو الظاهر أو دية كما سيأتي، قالوا: أي: الحويصة والمحيصة وعبد الرحمن: لا، أي: لا نحلف، وفي رواية ابن المفضل: وكيف نحلف ولم نشهد ولم نر، ووقع في الصحيح من رواية سعيد بن عبيد عن بشير بن يسار، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تأتون بالبينة".

وفي النسائي: عن عمرو بن شعيب (ق ٧١١) عن أبيه عن جده، فقال - صلى الله عليه وسلم - لعبد الرحمن بن سهل - وهو أخو المقتول: "أقم شاهدين على قاتل أخيك عبد الله بن سهل، أرفعه إليك برمته"، فقال: إني لم أصب شاهدين، وإنما أصبح قتيلًا على أبوابهم، فقال أبو عمر: هذه رواية أهل العراق عن بشير بن يسار، وفي رواية أهل المدينة عنه أثبت وهم به أقعد ونقلهم أصح عند العلماء.

وقد حكى الأثرم عن أحمد أنه ضعف رواية سعيد بن عبيد عن بشير، وقال: الصحيح عنه ما رواه يحيى بن سعيد، وإليه أذهب، وقال بعضهم: ذكر البينة وهم؛ لأنه وإن سلم أنه لم يلن مع اليهود فيها منه - صلى الله عليه وسلم - قد علم أن خيبر حينئذ لم يكن بها أحد من المسلمين، وأجيب بأنه وإن سلم أنه لم يلن مع اليهود فيها من المسلمين أحد، لكن في القصة أن جماعة من المسلمين خرجوا يمتارون تمرًا فيجوران طائفة أخرى خرجت لمثل ذلك، ويحتمل أنه - صلى الله عليه وسلم - طلب البينة أولًا فلم تكن لهم بينة فعرض عليهم الإِيمان فامتنعوا، فعرض عليهم تحليف المدعي عليه، قال - صلى الله عليه وسلم - لأصحاب المقتول: "فتحلف لكم يهود"، أي: المتهمون بأن حلف خمسون رجلًا حرًا مكلفًا منهم فتختارهم، قالوا: لا، أي: لا نرضى أنهم يحلفون، ليسوا بمسلمين، أي: فليس لهم أيمان؛ لأن فيهم كفر أعظم من أن يحلفوا على إثم، فَوَدَاهُ بفتح الواو والدال المهملتين الخفيفتين، فألف، أي: فأعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دية المقتول إلى ورثة من عنده، أي: من خالص ماله أو من بيت المال؛ لأنه عاقلة المسلمين وولي أمرهم، فبعث إليهم أي: ورثة المقتول بمائة ناقة، أي: دفعًا للمنازعة، حتى أدخلت على بناء المجهول، أي: النوق، عليهم أي: على أصحاب المقتول وهم في الدار، وهو كناية عن قربها لديهم ووصولها إليهم، قال سهل بن أبي حَثْمة: لقد ركضتني بفتح الراء المهملة والكاف والضاد المعجمة المفتوحة، وسكون الفوقية والنون: الوقاية،

<<  <  ج: ص:  >  >>