أي: ضربتني برجلها، ومنه قوله تعالى في سورة ص:{ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ}[ص: ٤٢]، منها أي: من تلك الإِبل، فدخلت مربدهم فركضتني برجلها، وقال ذلك ليبين ضبطه للحديث، ضبطًا شافيًا بليغًا.
وفيه مشروعية القسامة، وبه أخذ كافة الأئمة والسلف من الصحابة والتابعين وعلماء الأمة، كمالك والشافعي في أحد قوليه، وأحمد عن طائفة التوقف فيها، فلم يروا القسامة ولا أثبتوا لها في الشرع، كذا قاله الزرقاني (١).
قال محمد: إنما قال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أتحلفون وتستحقون دمَ صاحبكم"، يعني يريد النبي - صلى الله عليه وسلم - استحقاق دية بالدية ليس بالقود، بفتحتين، أي: ليس مراده أن استحقاقه بالقصاص، وفيه أنه ينافيه قوله فيدفع برمته إليهم، إلا أن يقال: أي يدفع ديته بتمامها، وإنما يدل على ذلك، أي: على ما ذكره من إرادة الدية لا القود، فقوله: أنه أي: بدل من ذلك إنما أراد بالدية دون القود قوله في أول الحديث، (ق ٧١٢) أي: مخاطبًا اليهود: "إما بكسر الهمزة أن تدوا كلمة أن مصدرية وبفتح الفوقية والدال المهملة المضمومة، والواو الساكنة فألف، أي: أعطوا صاحبكم أي: الدية أيها اليهود، وإما أن تؤذنوا أي: تعلموا بحرب" أي: من الله ورسوله، وفيه أنه يحتمل أن يكون هذا قبل تحقق اليمين من أحد الجانبين، فهذا أي: ما صدر في صدر الحديث يدل على آخر الحديث من جهة المراد، وهو قوله:"أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم"، لأن الدم قد يستحق بالدية كما يستحق بالقود، أي: بالقصاص والكلام في المراد فيهما وإلا فالأمر لا يخلو منهما، والظاهر أن الدية هي المراد؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقل لهم أي: لورثة المقتول: أتحلفون وتستحقون دم من ادعيتم، أي: عليه ليكون صريحًا في المراد، فيكون هو أي: اللفظ محمولًا على القود" أي: نصًا، وإنما قال لهم: "تحلفون وتستحقون دم صاحبكم"، أي: ديته، يحتمل احتمالين، فالإِضافة قد تكون لأدنى ملابسة، فإنما عنى به أي: أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: تستحقون دم صاحبكم بالدية، لأن أول الحديث يدل على ذلك، أي: على القود، وفي نسخة: على هذا، وهو أي: أول الحديث قوله: "إما أن تدوا صاحبكم وإما أن تؤذنوا بحرب"، وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أي: ما يكون كالنص في هذا الباب: القسامة تُوجب