قال محمد: قد اختلف الناس فيما تُقطع فيه اليد، فقال أهل المدينة: ربع دينار، ورَوَوا هذه الأحاديث، وقال أهل العراق: لا تُقطع اليد في أقل من عشرة دراهم، وروَوْا في ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعن عمر، وعن عثمان، وعن عليّ، وعن عبد الله بن مسعود، وعن غير واحد، وإذا جاء الاختلاف في الحدود أخذ فيها بالثِّقة، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا، وفي أخرى: حدثنا، أخبرنا عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه، عن عَمْرَة بنت عبد الرحمن، وقد مر بيان طبقة عبد الله بن أبي بكر وعمرة بنت عبد الرحمن آنفًا، أن سارقًا سَرَق في عهد عثمان رضي الله عنه، أي: في زمان خلافته، أتْرُجَّةً بضم الهمزة وسكون الفوقية وتشديد الجيم المفتوحة: أفضل الثمار المأكولة الذي يقصد بها الريح الطيب، وفيها: أترنجة، بزيادة النون، وأترجة بحذف وترنجة بحذف الهمزة، كذا ذكره عياض، فأمر بها عثمان أن تقوّم، بضم الفوقية وفتح القاف وتشديد الواو المفتوحة فميم: فقوّمت بثلاثة دراهم، مِنْ صرْف اثني عشر درهمًا بدينار، فقطع عثمان يده، أي: فأمر بقطع يد السارق، وقال مالك: أجب ما يجب فيه القطع إلى ثلاثة دراهم، سواء اتضع الصرف أو ارتفع، وحديث عثمان هذا أحب ما لسمعته إليَّ، وفي (مسند أحمد) عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اقطعوا في ربع دينار، ولا تقطعوا فيما هو أدنى من ذلك"، وكان ربع دينار يومئذٍ ثلاثة دراهم، والدينار اثني عشر درهما.
قال محمد: قد اختلف الناس أي: العلماء فيما تُقطع فيه اليد، أي: في قدره، فقال أهل المدينة، أي: فقهائها ومنهم مالك، وتابعه الشافعي: ربع دينار، أي: حقيقة أو حكمًا، ورَوَوا هذه الأحاديث، أي: ونحوها فيما استدلوا بها، وقال أهل العراق: أي: فقهاء الكوفة: لا تُقطع اليد في أقل من عشرة دراهم، وروَوْا في ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أي: في أحاديث، منها ما أخرجه الطحاوي في (شرح الآثار) عن أم أيمن أنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُقطع يد السارق إلا في مجنة"، وفي نسخة:"حجفة"، وقُوِّمَت يومئذٍ على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدينار أو عشرة دراهم.
ورواه الطبراني في (معجمه) أيضًا، وهو حديث إما منقطع أو مرسل، ولكنه يتقوى