للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما لم يتم، ومن خرج من صلاته قبل أن يتمها فعليه إعادتها تامة، كما أمر من ادعى أنها تجوز - مع إقراره بنقصانها - فعليه الدليل، كما قاله الزرقاني (١)، ثم لما كان الحكم عامًا بظاهر الحديث شاملًا للمعتدين وغيره.

قال: أي: أبو السائب، قلت: يا أبا هريرة: إني أحيانًا أي: في بعض الأوقات أكون وراء الإِمام، أي: خلفه مقتديًا به، قال: أي: أبو السائب فغمز أي: أبو هريرة ذراعي. قال الباجي - من علماء المالكية -: هو على معنى التأديب له، وتنبيهه على فهم مراده، والبعث له على جمع ذهنه، وفهمه لجوابه، وقال: يا فارسيُّ أي: يا عجمي، ولعل أصله كان من الفارس بكسر الراء، وتسكن هو الشيراز وما حوله، اقرأ بها أي: بفاتحة الكتاب في نفسك، أي: خفيفة؛ إذ لا يجوز القراءة من غير تصحيح الحروف، وسماع نفس القارئ، إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "قال الله - عز وجل - في حديثه القدسي: وهو ما أخبر الله به نبيه - صلى الله عليه وسلم - بإلهام أو بالمنام، فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك المعنى بعبارة في نفسه، فالقرآن مفضَّل عليه؛ لأن لفظه منزل أيضًا، كذا قاله محمد السيد الشريف الجرجاني: قسمتُ الصلاة أي: الفاتحة، سميت بها؛ لأن الصلاة لا تتم ولا تصح إلا بها؛ كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الحج عرفة" (٢)، أو لأنها في معنى الدعاء، قاله ابن عبد البر (٣) وجماعة من العلماء، والمراد بالصلاة القراءة، لأنها جزؤها، وقد تطلق كل منهما على الأخرى مجازًا، قال الله تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} [الإسراء: ١١٠]، أي: بقراءتك، وقال: {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: ٧٨]، أي: صلاة الفجر، بيني وبين عبدي نصفين، قدَّم نفسه، فقال: بيني لأنه واجب الوجود لنفسه، وإنما استفاد العبد الوجود منه، فنصفها لي ونصفها لعبدي، اعلم أن تقسيم الفاتحة نصفين بمعنى أن بعضها ثناء، إلى قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}، وبعضها دعاء، وهو من قوله: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} إلى آخر السورة، فالنصف هنا بمعنى البعض؛ لأنها منتصفة تحقيقية؛ لأن طرف الدعاء أكثر،


(١) انظر: شرح الزرقاني (١/ ٢٥٤)، والتمهيد لابن عبد البر (٢٠/ ١٩٢)، وتفسير القرطبي (١/ ١٢٣).
(٢) أخرجه: الترمذي (٨٨٩)، والنسائي (٣٠١٦)، وابن ماجه (٣٠١٥)، وأحمد (١٨٢٩٧)، وابن خزيمة (٢٨٢٢)، والحاكم (١٧٠٣)، والدارقطني (١٩)، والبيهقي في الكبرى (٩٩١٢).
(٣) انظر: شرح الزرقاني (١/ ٢٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>