وقيل: إنها منتصفة حقيقية؛ لأنها سبع آيات: ثلاث ثناء من قوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} إلى {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، وثلاث دعاء ورجاء من قوله:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} إلى آخرها، والآية المتوسطة نصفها ثناء، ونصفها دعاء، ولكن هذا التأويل إنما يستقيم على مذهب من لم يجعل التسمية منها آية، ويجعل أنعمت عليهم آية، كما هو مذهب البصريين، خلافًا للكوفيين، فإنهم عكسوا القضية، فلا خلاف كونها سبع آيات، كما أشار إليه قوله سبحانه:{وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ}[الحجر: ٨٧].
وقال ابن الملك في (شرح المشارق): ومن جعل التسمية منها يقول معنى قوله: يقول العبد: الحمد لله رب العالمين إذا انتهى في قراءته إلى ذلك - كما نقله علي القاري عن النواوي.
ولعبدي ما سأل، أي: من العبد سأل، ومني الإِعطاء منه بشارة عظيمة، قال (ق ١١٤) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اقرؤوا: وفي نسخة: اقرأ بالإِفراد، اقرأ يا أبا هريرة؛ فإنه إذا انتهى أن يقول العبد:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، يقول الله جل وعز، أي: للملائكة: حَمَدَني عبدي، أي: أثنى عليَّ بجميل الأفعال، وبما أنا أهله، يقول العبد:{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، بالجر على الحماية، يقول الله جل وعز: أثنى عليَّ عبدي، جعل جوابًا لهما لاشتمال اللفظين على الصفات الذاتية والفعلية، يقول العبد:{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، أي: يوم الجزاء، وهو يوم القيامة، وخص بالذكر؛ لأنه لا ملك ظاهرًا فيه لأحد، إلا الله تعالى، قال الله تعالى:{لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ}[غافر: ١٦].
ومن قراءة مالك يوم الدين، فمعنى مالك الأمر كله في يوم القيامة، أي: هو - تعالى - موصوف بذلك، دائمًا لغافر الذنب، فصح وقوعه صفة للمعرفة.
يقول الله جل وعز: مجدني عبدي، بتشديد الجيم، أي: عظمني. قال العلماء: إنما قال: حمدني، وأثنى عليَّ، ومجدني؛ لأن التحميد الثناء بجميل الأفعال، والتمجيد الثناء بصفات الجلال، وأثنى عليه تعالى في ذلك كله، ولهذا جاء جوابًا للرحمن، كما نقله علي القاري (١) عن السيوطي.