المتعلقة باللفظ دون المعنى فناسب أن يؤتى بلفظ اسم ليتمحض أن المراد النقط قرينة معينة للمعنى المراد كما قاله التمرتاشي.
قوله: الرحمن الرحيم: صفتان مشتقتان من رحم بعد نقله إلى فعُل، بضم العين؛ لأن الصفة المشهبة لا يشتق إلا من فعل لازم، وهذا مطرد في باب المدح مثل رفيع الدرجات، وبديع السماوات، واشتقاقهما باعتبار الغايات التي هي أفعال دون المبادئ التي تكون انفلات؛ لأن الرحمة في اللغة رقة القلب، والله منزه عن القلب وعن صفتها، والرحمن من أبنية المبالغة، وفي الرحيم مبالغة أيضًا إلا أن فعلان أبلغ من فعيل؛ لأن زيادة البناء تدل على زيادة المعنى كما في قطَّع بتشديد الطاء المهملة، وقَطَع بالتخفيف وتخصيص التسمية بهذه الأسماء، أي بالله الرحمن الرحيم ليعلم القارئ أن المستحق أن يستعان به في جميع الأمور، وهو المعبود بالحق الذي هو مولى النعم كلها، عاجلها وآجلها، جليها وخفيها، فيتوجه العارف بنفسه وحده إلى جانب القدس ويتمسك بحبل التوفيق، ويشغل سره بذكر الله تعالى، والاستمداد بالله عن غيره كما أشبعناه في (توضيح الأسرار شرح بركات الأبرار).
وأما إعراب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ:
فالباء فيه متعلق بمحذوف وهو يحتمل أن يكون اسمًا أو فعلًا، وعلى كلا التقديرين يجوز أن يكون متقدمًا أو متأخرًا، فهذه أربعة أقسام، أما إذا كان متقدمًا وكان فعلًا يكون محل الجار والمجرور منصوب على أنه حال من الضمير المرفوع المستتر في المتقدم، أو مفعول غير صريح تقديره ابتدئ هذا الكتاب حال كوني ملتبسًا باسم الله الرحمن الرحيم، وأما إذا كان المتعلق متقدمًا وكان اسمًا فيكون محل الجار والمجرور مرفوعًا على أنه يكون خبرًا مجازًا لمبتدأ متقدم والحال أن الخبر حقيقة لفظ كائن مثلًا تقديره ابتدائي بهذا الكتاب كائن بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وأما إذا كان المتعلق متأخرًا وكان فعلًا فيفيد حصرًا تقديره: إنما أنا ملتبسًا باسم الله تعالى أبتدئ أو بدأت هذا الكتاب، وهذا الحصر يفيد اهتمامًا لذكر اسم الله تعالى بالابتداء ورد الكفار عن إرادتهم الاهتمام بذكر أسماء أصنامهم، حيث كانوا يقولون: باسم