ثم أخبر عن الشهيد الثالث الحكمي، وقال: وصاحب ذات الجَنْب شهيد، وهو مرض معروف يعرض ورم جار في الغشاء المستبطن للأضلاع.
ثم بيَّن الرابع فقال: والمبطون شهيد، قال ابن عبد البر: هو صاحب الإِسهال، وقال في (النهاية): هو الذي يموت بمرض بطنه، كالاستسقاء ونحوه، وفي كتاب (الجزائر): لأبي بكر المروزي عن شيخه شريح: أنه صاحب القولنج، كذا قاله الشيخ شمس الدين العلقي في (الكوكب المنير)، وفي (شرح مسلم)، المبطون هو صاحب الداء في البطن، وقال القاضي عياض: المبطون هو الذي به الاستسقاء وانتفاخ البطن، وقيل: هو الذي يموت بداء بطنه مطلقًا، انتهى، قوله: قولنج بفتح القاف واللام وبضم أوله، وقد يكسر لأنه وجع في المعنى، وهو مرض مؤلم يعسر معه خروج الثقل والريح، ويترتب عليه شدة المغص، وهو بفتح الميم وشدته قوله - صلى الله عليه وسلم -: "والمبطون" في هذه النسخة وقع بعد قوله: "وصاحب ذات الجنب شهيد"، وفي نسخة أخرى: وقع في المرتبة السابقة.
ثم بيَّن الخامسة فقال: وصاحب الحريق شهيد، وهو الذي يحترق في النار فيموت.
ثم بيَّن السادسة فقال: والذي يموت تحت الهَدْم بفتح الهاء وسكون الدال المهملة اسم الفعل، والهدم بكسرها الميت تحت الهدم، وبفتحها ما يُهدم، شهيد، قال العلقمي في (الكوكب المنير) عن القرطبي: هذان إذا لم يغدرا بنفسهما، ولم يمكنهما التحرز، فإن فرطا في التحرز حتى أصابهما الحرق والهدم كانا عاصيين.
وبيَّن السابعة فقال: والمرأة تموت بجُمْع بضم الجيم وكسرها وسكون الميم شهيدٌ، وفي رواية:"شهيدة"، قيل: هي من تموت من الولادة، سواء ألقت ولدها أم لا، وقيل: هي من تموت في النفاس وولدها في بطنها لم تلده، وقيل: هي من تموت عذراء يعني بكرًا.
قال ابن عبد البر: والقول الثاني أكثر وأشهر، وفي (النهاية): أن الجمع بضم وسكون، بمعنى المجموع، أي: أنها ماتت مع شيء مجموع فيها غير منفصل (ق ٣١٣) عنها من حمل أو بكارة، والحديث الذي بيَّن فيه مراتب أموات السبع الأموات التي فيها شدة الألم، تمحيصًا لذنوبهم، وزيادة في أجورهم، حتى يبلغهم بها مراتب الشهداء، وهذا الحديث رواه مالك وأحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه، وابن حبان، والحاكم في (المستدرك)، كلهم عن جابر بن عتيك.