للبخاري في الكفارات: فجاء رجل من الأنصار، وللدارقطني عن سعيد بن المسيب مرسلًا: فأتى رجلًا من ثقيف، قال الحافظ: فإن لم يحمل على أنه كان حليفًا للأنصار أو إطلاق الأنصار بالمعنى الأعم، وإلا فما في الصحيح أصح. بِعَرَقٍ من تمر، بفتح العين المهملة فراء مفتوحة فقاف، وروى بإسكان الراء والفتح أفصح وأشهر ذكره السيوطي، وهو الكيل العظيم يسعه ثلاثون صاعًا وقيل: خمسة عشرة كذا في (المغرب)، فقال:"خُذْ هذا فتصدَّق به"، أي: بالتمر الذي فيه (ق ٣٧٢) فقال: يا رسول الله، ما أَجِدُ الآن أحدًا أي: ما بين لابتي المدينة من الحرائر، فإن النكرة وقعت في سياق النفي فتفيد عمومًا أحْوَجَ إليه ضبط بالرفع على جعل ما تميمية والنصب على جعلها حجازية عاملة عمل ليس أي: ليس أحد من الناس أجده في الحال أفقر وأحق إلى أكله مني، ومن عيالي، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت أنيابه أي: أسنانه الرباعيات، وقد روي أن ضحكه كان تبسمًا في غالب أحواله، لكنه تعجب هنا من حال الرجل في كونه جاء أولًا هالكًا محترقًا، خائفًا على نفسه راغبًا في فدائها مهما أمكنه، فلما وجد الرخصة طمع أن يأكل الكفارة ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: "كُلْهُ" وفي رواية: "أطعمه أهلك" وفي رواية أخرى: "عيالك" واحتج القائل بأنه لا تجب الكفارة، ورد بأنه أباح له تأخيرها إلى وقت اليسر؛ لا أنه أسقطها عنه جملة، وليس في الحديث نفي استقرارها عليه بل فيه دليل لاستقرارها؛ لأنه أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بعجزه عن الخصال الثلاثة ثم أتى - صلى الله عليه وسلم - بالتمر فأمره بإخراجه في الكفارة، فلو كانت تسقط بالعجز لما أمره بذلك، لكن لما احتاج إلى الإِنفاق على عياله في الحال أذن له في أكله وإطعام عياله، وبقيت الكفارة في ذمته ولم يبين ذلك له؛ لأن تأخيره البيان إلى وقت الحاجة وهو جائز عند الجمهور. وقال ابن العربي: كان هذا رخصة لهذا الرجل خاصة، أما اليوم فلا بد من كفارة كذا قاله الزرقاني.
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: إنما نعمل بما رواه حميد ين عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه، إذا أفطر الرجل، وكذا المرأة متعمدًا أي: غير ساهٍ ولا مخطئ فإن من أفطر ساهيًا لا يلزمه شيء، وإن أفطر خطأ يلزمه القضاء فقط في شهر رمضان، أي: في نهاره بأكلٍ أو شربٍ أو جِمَاع أخره مبالغة في استواء أمره مع غيره فعليه أي: فيجب عليه شيئان أحدهما: قضاءُ يوم مكانه، أي: بدل يوم أكل فيه أو يومين أكل فيهما أو أيام أكل فيهن قصدًا. وثانيهما: وكفارة الظِّهَار وهو في اللغة: مصدر ظاهر من امرأته إذا قال لها: أنت علي كظهر أمي كذا في (الصحاح) و (المغرب)، وفي الشريعة: وهو تشبيه مسلم