للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسار حتى إذا ظهر أي: صعد على ظهر الْبَيْدَاءِ أي: متن المغارة والصحراء التفت إلى أصحابه، أي: نظر إليهم وقال: أي: مخبرًا لهم بما أدى إليه نظره ما أمرهما أي: أمر الحج والعمرة إلا واحد، بالرفع أي: في حكم الحصر فإذا جاز التحليل في العمرة مع أنها غير محدودة بوقت فهو في الحج أجوز، وفيه العمل بالقياس أُشْهِدُكم أني قد أَوْجَبْتُ الحج مع العُمْرَة أي: دخلته عليها، وجمعت بينهما وإنما أشهد بذلك ولم يكتف بالنية؛ لأنه أراد الإِعلام لمن يريد الاقتداء، وفيه دليل على أن من أحرم بعمرة من الميقات ثم أحرم بحجة قبل أن يطوف أربعة أشواط من العمرة كان قارنًا وكذا إن أحرم من الميقات ثم أحرم بحجة قبل أن يطوف كان قارنًا لفعله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوادع فخرج حتى إذا جاءَ البيت طاف به، أي: بالبيت وطاف بين الصَّفَا والْمَرْوَة سَبْعًا قيد لكل منهما أو للثاني وأطلق الأول لظهور أمره ووضوح قدره، ولكن سمى السعي بين الصفا والمروة طوافًا على طريق المشاكلة والطواف أن يزار البيت على الدور بأطرافه، والسعي بين الصفا والمروة أن يمشي بينهما راجلًا وراكبًا فالشركة بينهما الزيادة المخصوصة كما حكى تعالى عن عيسى صلوات الله على نبينا وعليه {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} [المائدة: ١١٦] لم يزد أي: حينئذ عليه، أي: على ما فعله ورأى ذلك أي: ما فعله من الاكتفاء بطواف واحد مجزئًا عنه، أي: كافيًا ولا يحتاج إلى طواف آخر للقدوم ولا إلى سعي آخر للحج مقدمًا أو مؤخرًا، وبه قال مالك والشافعي وأحمد والحديث في (الصحيحين) مبسوطًا، ولنا ما رواه النسائي عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية (ق ٤٢٦) قال: طوفت مع أبي وقد جمع بين الحج والعمرة فطاف لهما طوافين، وسعى سعيين، وحدثني أن عليًا رضي الله عنه فعل ذلك وحدثه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك. وروى محمد بن الحسن في (الآثار) عن أبي حنيفة، عن منصور بن المعتمر عن إبراهيم النخعي عن أبي نصر السلم عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قال: "إذا أهللت بالحج والعمرة فطاف لهما طوافين وسعى لهما سعيين بين الصفا والمروة" قال منصور: فلقيت مجاهدا وهو يفتي بطواف واحد لمن قرن فحدثته بهذا الحديث فقال: لو كنت سمعته لم أفت إلا بطوافين، وأما فلا أفتي إلا بهما انتهى.

وبه قال ابن مسعود والشعبي والنخعي وجابر بن زيد وعبد الرحمن الأسود والثوري والحسن بن صالح وأَهْدَى أي: أرسل إلى المحرم حيوانًا يجوز أن يضحي به كإبل

<<  <  ج: ص:  >  >>