قال ابن عبد البر: فيه أن ابن عباس رضي الله عنهما كان علم غسل رأس المحرم عنه - صلى الله عليه وسلم - أنبأه أبو أيوب وغيره؛ لأنه كان يأخذ عن الصحابة، ألا ترى أنه قال: كيف يغسل رأسه، ولم يقل هل كان يغسل؟
وقال ابن دقيق العيد: هذا يشعر بأن ابن عباس كان عنده علم بأصل الغسل، فإن السؤال عن كيفية الشيء إنما يكون بعد العلم بأصله، وإن غسل البدن كان عنده متقرر الجواز إذا لم يسأل عنه إنما سأل عن كيفية غسل الرأس، ويحتمل أن يكون ذلك؛ لأنه موضع الإِشكال؛ لأن الشعر عليه وتحريك اليد يخاف منه نتف الشعر وتعقب بأن النزاع بينهما إنما وقع في غسل الرأس.
وقال الحافظ العسقلاني: لم يقل: هل كان يغسل رأسه ليوافق اختلافهما؟ بل سأل عن الكيفية، لاحتمال أنه لما رآه يغتسل وهو محرم فهم من ذلك الجواب، ثم أحب أن لا يرجع إلا بفائدة (ق ٤٥٤) أخرى فسأله عن الكيفية كذا قاله الزرقاني (١) فوضع أي: أبو أيوب الأنصاري يده على الثوب أي: الساتر عليه وطَأطَأه بهمزتين على وزن جلب أي: خفض الثوب وأزاله عن رأسه حتى بدا بالتخفيف أي: ظهر لي رأسه، أي: رأس أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه ثم قال لإِنسان أي: لرجل هناك ولم يعلم اسمه يصب الماءَ عليه: أي: قاله أبو أيوب لا يصبه على رأسه اصبُب، بضم الهمزة وسكون الصاد المهملة وضم الباء الموحدة الأولى أمر مخاطب أي: صب الماء فصبّ أي: إنسان الماء على رأسه، أي: رأس أبي أيوب الأنصاري في نسخة: فيصب ثم حرَّك أي: أبو أيوب رأسه بيده، فأقبل بيده وأدبر، أي: بها وليحيى: بيديه، فأقبل بهما وأدبر أي: بهما والمراد بيد جنسه ولا تنافي بينهما وهو يدل على جواز ذلك ما لم يؤده إلى نتف الشعر والبيان بالفعل أبلغ من القول فقال: أي: أبو أيوب هكذا رأيته أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعل أي: يغسل في حال الإِحرام على ما هو الظاهر في مقام المرام لكن بقي الكلام أنه هل كان غسله - صلى الله عليه وسلم - بسبب من الأسباب أم لا على أنه - صلى الله عليه وسلم - كان محفوظًا من الاحتلام.؟
وفي رواية ابن جريج عن زيد بن أسلم بهذا الإِسناد: فأمرّ أبو أيوب بيديه على رأسه جميعًا فأقبل بهما وأدبر، وزاد سفيان بن عيينة فرجعت إليهما فأخبرتهما فقال المسور بن