ابن جبير عنه موقوفًا، ولا يرتاب أحد من المحدثين أن حديث ابن عمر أصح من حديث ابن عباس؛ لأنه جاء بإسناد وصف بأنه أصح الأسانيد، واتفق عليه عنه غير واحد من الحفاظ منهم نافع وسالم بخلاف حديث ابن عباس، فلم يأت مرفوعًا إلا من رواية جابر بن زيد عنه حتى قال الأصيلي: إنه شيخ بصري لا يعرف مع أنه معروف موصوف بالفقه عند الأئمة، ومنهم من اعتل بقول عطاء: القطع فساد والله لا يحب الفساد، وتعقب بأن الفساد إنما يكون فيما نهى عنه الشارع لا فيما أذن فيه، وحمل ابن الجوزي الأمر بالقطع على الإِباحة لا على الاشتراط عملًا بالحديثين لا يخفى تكلفه، كذا قاله الزرقاني ولا تلبسوا بفتح أوله وثالثه من الثياب أي: من أنواعه شيئًا أي: مما يطلق عليه الثوب مخيطًا أو غيره مسّه أي: أصابة أو صبغة الزعفران بفتح الزاي المعجمة وسكون العين المهملة وفتح الفاء والراء وبعد ألف ونون دواء معروف، إلا أنه يستعمل بالتعريف والتنكير، وإذا استعمل بالتنكير نون؛ لأنه ليس فيه إلا ألف ونون فقط، وهو لا يمنع الصرف كذا قاله محمد الواني ومحمد الزرقاني ولا الوَرْس بفتح الواو وسكون الراء والسين المهملة، نبت أصفر يصبغ به. كذا في (النهاية).
وقال ابن العربي: ليس الورس بطيب، ولكنه نبه به على اجتناب الطيب وما يشبهه في ملائمة الشم، فيؤخذ منه تحريم أنواع الطيب على المحرم، وهو مجمع عليه فيما يقصد به الطيب، وهذا الحكم شامل النساء قبل، فعدل عما تقدم إشارةً إلى اشتراكهما، وفيه نظر بل إن الظاهر أن نكتة العدول أن الذي يخالف الزعفران والورس لا يجوز لبسه سواء كان فيما يلبسه المحرم أو لا يلبسه.
قال الحافظ: والظاهر أنه لا ينافي بين النكتتين. وقال الوالي العراقي: نبه بهما على ما هو أطيب منهما رائحة المسك والعنبر ونحوهما، وإذا حرم في الثوب ففي البدن أولى وفي معناه تحريمه في المأكول؛ لأن الناس يقصدون تطيب طعامهم، كما يقصدون تطييب لباسهم وكل هذا متفق عليه بين العلماء، وهذا فيما يقصد بالتطيب به، أما الفواكه كالأترج والتفاح وأزهار البر كالبنفسج والقيصوم، ونحوهما فليس بحرام؛ لأنه لا يقصد للتطيب. انتهى في حكاية الاتفاق في المأكول المطيب نظر؛ لأن فيه خلافًا عند المالكية.
وقال الحنفية: لا يحرم؛ لأن الموارد للبس والتطيب والأكل لا يعد تطيبًا قال العلماء: والحكمة في منع الحرم من اللباس أنه يدعو إلى الجماع ولأنه مناف للحج، فإن