للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكروا ذلك له، فقال: مَنْ أفْتاكم بهذا؟ قالوا: كعب، قال: فإني قد أمَّرْتُه عليكم حتى ترجعوا، ثم إنه لما كان ببعض الطَّريق طَريقِ مكة، مَرَّت بهم رِجْلٌ من جَرَاد، فأفْتاهم كعب بأن يأكلوه ويأخذوه، فلما قدموا على عمر ذكروا ذلك له، فقال: ما حملك على أن تفتيهم بهذا؟ قال: يا أمير المؤمنين، والذي نفسي بيده، إن هو إلا نَثْرَة حوت، يَنْثُرُهُ في كل عام مرتين.

• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا أو أنا، وفي أخرى: ثنا حدثنا زيد بن أسْلَم، العدوي مولى عمر، يكنى أبا عبد الله أو أبا أسامة المدني، ثقة عالم، كان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين، مات سنة ستة وثلاثين عن عَطاءِ بن يَسار، الهلالي، يكنى أبا محمد المدني مولى ميمونة ثقة، فاضل صاحب مواعظ وعبادة، كان في الطبقة الثانية من طبقات صغار التابعين، مات سنة ستة وتسعين وأربع أنَّ كَعْبَ الأحبار بفتح الهمزة وسكون الحاء المهملة فألف فراء كان من علماء اليهود وأسلم بعد سيد الأبرار فصار من التابعين الأخيار، وهو أي: الأحبار جمع حبر بكسر الحاء المهملة وفتحها وأيضًا كما لأوله إما لكثرة كتابته بالحبر بإيحاء العلماء وقول المحد: كعب الحبر ولا تقل: الأحبار، فيه نظر [فيه] أثبت غير واحد، وهو أي: كعب بن ماتع بفوقية أدرك زمن النبوة وأسلم في خلافة عمر على المشهور كذا قاله الزرقاني (١) كان في الطبقة الأولى من طبقات التابعين من أهل الشام وهي كانت في الإِقليم الثالث من الأقاليم السبعة من وجه الأرض.

قال أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي: من بعض مناقب كعب الأحبار أنه قال: ما كرم عبد على الله تعالى إلا زاد البلاء عليه شدة، ولا أعطى رجل زكاة فنقصت من ماله ولا حبسها فذادت فيه، لا يسرق سارق إلا حسب له من رزقه، وقال: إن سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر دوي حول العرش يذكرون بصاحبها، والعمل الصالح في الخزائن، وقال: ما استقر لعبد ثناء في الأرض حتى يستقر في السماء، وقال: لأن أبكي من خشية الله حتى تسيل دموعي على وجنتي أحب إلى أن أتصدق بوزني ذهبًا، والذي نفس كعب بيده، ما بكى عبد من خشية الله حتى تقع قطرة من دموعه على الأرض فتمسه النار أبدًا حتى يعود قطر السماء الذي وقع على الأرض من حيث جاء، ولن يعود أبدًا.


(١) في شرحه (١/ ٣١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>