للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حفظ القرآن الكريم. ومن جهتهم لجأ الفرنسيون لجلب المسلمين إلى المدارس الفرنسية القليلة التي أنشأوها منذ ١٨٥٠ (حوالي ٣٦ مدرسة في الجملة) إلى إدخال مادة حفظ القرآن فيها والعهد بها إلى (طالب) مسلم. وكاد التلاميد في هذه المدارس يحفظون القرآن بطريقة جديدة، وهي الجلوس على المقاعد وفتح المصاحف وحفظ الآيات التي يعينها الطالب لهم. ولكن هذه التجربة كانت قصيرة الأمد إذ أن الغرض منها هو، كما قلنا، جلب أبناء المسلمين إلى المدارس الفرنسية والتغلب على الفكرة القائلة أن الفرنسيين سينصرون أولاد المسلمين. لقد كان نوعا من التحايل المؤقت، ذلك أن التلميذ بعد مادة القرآن كان يتفرغ كلية للغة الفرنسية وموادها وتاريخ فرنسا وجغرافيتها وعلومها الخ. ثم أن المدارس المذكورة قد ألغيت بقرار سنة ١٨٧١، كما سبق.

ولقد كان الجزائريون مستعدين للتطور لو وجدوا من يأخذ بيدهم إليه. فبعد أن أمكن لفكرة التعليم أن تنتشر قاموا بتنظيم مدارسهم القرآنية، وأصلحوها وربطوا بين أجزاء التعليم. وأصبح التلميذ في المدرسة الإصلاحية العصرية يحفظ القرآن ويقرأ العلوم الأخرى المكملة له. كما يدرس العلوم العملية واللغات. وهذا هو دور المدارس الحرة التي بدأت تجربتها سنة ١٩١٣، ولكنها نشطت منذ نهاية الحرب العالمية الأولى. وهذا لا يعني اختفاء التعليم القرآني التقليدي. بل إنه نشط وتوسع مع الإيمان بضرورة التعلم ومع وجود الرابطة بينه وبين المدارس الابتدائية الجديدة. ...

أما من الناحية التاريخية فعلينا أن نبدأ من البداية. فما مصير المدارس القرآنية مثلا في المدن التي استولى عليها الفرنسيون كالجزائر وقسنطينة وبجاية وغيرها؟ كان بمدينة الجزائر أكثر من مائة مدرسة قرآنية عند الاحتلال (١). ولكن مصيرها كان مصير المساجد والزوايا، وهو الهدم أو


(١) نستعمل المدرسة القرآنية هنا مرادفة لكلمة كتاب أو مكتب. وهذا في المدن. أما في =

<<  <  ج: ص:  >  >>