للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلماء، تدهورت حالة التعليم القرآني في مدينة الجزائر، رغم إصرار الآباء على حماية أبنائهم. وكانت خطة الفرنسيين هي القضاء على هذا التعليم، كما أشرنا، دون مواجهة. فبدخول سنوات الخمسين وجدنا الكتاب يتحدثون عن تدهور ما بقي من المدرسة القرآنية في العاصمة. يقول موريل أن هدف هذه المدرسة (الكتاب) هو تحفيظ القرآن للأطفال، ولكن هذا الهدف قلما حصل. ذلك أن الفقر يمنع كثيرا من الآباء، من توفير أجرة المعلم البسيطة، ويجعلهم يسحبون أطفالهم بسرعة من المدرسة، إذا كانوا قد أرسلوهم إليها أصلا. وكانت في الماضي بعض المعلمات للبنات أيضا، ولكن الآن لم يبق منهن إلا النادر. فساد الجهل النساء المسلمات (١). وقد أكد ديتسون بعد عدة سنوات نفس الظاهرة، إذ قال أن الحضر يتعلمون، ولكن الفقر قد أضر بهم، لذلك يمكن القول أن أطفالهم قد بقوا جاهلين. ولكنه قال أن المدارس القرآنية متوفرة. ووصف إحداها بأنها تضم ٢٤ تلميذا، وقدم وصفا حيا آخر عن حياة هذه المدرسة (الكتاب) (٢).

من مؤدبي مدينة الجزائر الذين تخرج عليهم تلاميذ كثيرون الشيخ سيدي عمرو. وقد أشاد به المفتي حميدة العمالي وقال أنه قرأ عليه القرآن وختمه على يده. ووصفه بأنه (شيخنا وبركتنا سيدي عمرو مؤدب الصبيان، وقد بلغ من العمر ما ينيف على التسعين سنة). وكان الشيخ سيدي عمرو قد أخذ على سيدي محمد بن عبد الرحمن الأزهري مؤسس الطريقة الرحمانية في الجزائر. كان، كما قال العمالي، ورعا زاهدا. وعند وفاته سنة ١٢٧٥ (١٨٥٨) دفن في ضريح شيخه سيدي محمد بن عبد الرحمن بالحامة (٣). وهذا التنويه يثبت العلاقة الودية والاحترام الذي بقى بين الشيخ المفتي والشيخ المؤدب، كما أشار إلى ذلك من قبل أحد الكتاب الأجانب وكما هو


(١) جون موريل (الجزائر)، لندن، ١٨٥٤، ص ٣٨٦.
(٢) ديتسون، G.L.Ditson.(الهلال والصليبيون الفرنسيون). نيويورك، ١٨٥٩، ص ١٣٢، ١٣٤.
(٣) كناش الشيخ المفتي العمالي، مكتبة الشيخ المهدي البوعبدلي، بطيوة.

<<  <  ج: ص:  >  >>