للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاحتلال. فقد كان فيه حوالي ٧٠٠ طالب، من بينهم حوالي ١٥٠ يتقاضون منحا. ولهم سكنى مجانية، إضافة إلى امتيازات أخرى في رمضان والمواسم. وكان حوالي ثلثي الطلبة من خارج المدينة (غرباء). فماذا بقي من هؤلاء بعد الاحتلال؟ لقد توجه الطلبة إلى زوايا منطقة زواوة وزوايا الجنوب طلبا للعلم نظرا لاستيلاء الفرنسيين على جميع الموارد في المدينة. أنه لم يبق بها منهم سوى ٦٠ طالبا. كما أن العلماء أنفسهم قد تشتتوا أو هاجروا، ومنهم من قضى نحبه، ومنهم من انقطعت عنه الموارد.

أما برنامج الدراسة للتعليم الثانوي والعالي فلا يخرج عن المواد العربية والإسلامية. فالثانوي يشمل عادة النحو والتفسير وحفظ المتون والمطالعة ومبادئ الفقه والتوحيد، والحديث، ومبادئ الفلك والحساب. ويقضي التلميذ فيه حوالي سبع سنوات. أما دروس التعليم العالي فتتألف من الفقه وأصول الدين والتوحيد والحديث، والحساب والفلك، والجغرافية والتاريخ الطبيعي والطب العام.

هذا بصفة عامة، ولكن الأمير عبد القادر مثلا شجع الدروس بين المواطنين في المساجد وغيرها، وكان هو نفسه يقوم بإلقاء درس عمومي عندما لا يكون في حالة حرب مع العدو. وقد رتب في مختلف المدن علماء لهذا الغرض، وجعلهم طبقات وعين لكل طبقة راتبا عينيا أو نقديا. واستثنى العلماء من الضرائب. وكان يقوم هو نفسه باختبار المترشح، فكان يكرم الجيد ويعرض عن الجاهل. وكان التلاميذ يجدون المدرسين الجيدين والمكتبات للمطالعة ومحلات السكن. وقد عفا الأمير عدة مرات على مدرسين استحقوا عقوبة الموت، تقديرا للعلم. وكانت هذه السياسة سببا في ازدهار حركة التعليم في دولة الأمير وتنافس العلماء في تحصيل العلم وحفظ التراث، رغم ظروف الحرب القاسية (١). وكان معظم خلفائه من المدرسين


(١) محمد باشا، (تحفة الزائر)، ط ١، ج ١، ص ٣٠٩. وكذلك بيلمار، مرجع سابق، ص ٢٣٧.
٦١

<<  <  ج: ص:  >  >>