للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جلول مدرسا بجامع سيدي الأخضر (يناير ١٨٥٠)، وعين الشيخ المكي البوطالبي مدرسا بالجامع الكبير هناك في نفس الوقت، كما عين الطاهر بن النقاد على مدرسة جامع سيدي الأخضر، ومحمد بن أحمد العباسي على مدرسة جامع سيدي الكتاني. بالإضافة إلى وظائف أخرى في الإفتاء والقضاء (١).

وقد شعرت السلطات الفرنسية بهذا الفراغ في الدراسات الإسلامية ابتداء من وسط الأربعينات. وقال بعضهم أنه إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإن الفرنسيين لن يجدوا من يعينوه قاضيا، وهو ما كان يهمهم أكثر من التدريس. ولذلك عكفوا على دراسة الوضع. وقد خرجوا بتوصيات شملت القضاء والتعليم وتنظيم المساجد، أو بعبارة أصح شملت الدين والتعليم والعدل. ويهمنا هنا التعليم. فقد لاحظوا أنه لا توجد لشباب الجزائريين مؤسسة للتعليم فوق الابتدائي، وليس هناك رجال أكفاء يقومون بالفتوى والقضاء ويمكنهم كسب النفوذ للسياسة الفرنسية، وهذا أمر ضروري (لسياستنا) (٢). ولاحظوا أيضا أن إهمال التعليم الإسلامي في المدن قد نتج عنه تقوية المرابطين والزوايا في الأرياف. فقد كانت زوايا المرابطين تستقبل الراغبين في التعلم بدل الذهاب إلى المساجد في المدن التي استولى عليها الفرنسيون. كان المدرسون في الماضي يعينهم الداي باقتراح من الناظر من بين أفضل العلماء. وكانوا يتقاضون مرتباتهم من الأوقاف. وهي تبلغ بين ٦٠ و ٢٠٠ فرنك سنويا، وكانت لهم سكنى مجانية، كما يجوز لهم الجمع بين وظائف التدريس والقضاء والافتاء. وكانوا يتمتعون باحترام كبير. وبالإضافة إلى رواتبهم فأن لهم امتيازات أخرى تتمثل في الزيت والماء والحلويات خلال شعهر رمضان. ولكن منذ الاحتلال توقف كل ذلك عليهم للظروف التي ذكرناها. وكان التعليم العالي مزدهرا في بعض المدن مثل قسنطينة إلى


(١) حسب سجل قائد البلاد المنشور في مجلة (روكاي) لسنة ١٨٥٩، ١. ومحمد بن العباسي هو نجل الشيخ أحمد العباسي الذي اشتهر أمره.
(٢) زوزو، (نصوص)، مرجع سابق، ٢٠٨ عن تقرير يرجع إلى حوالي ١٨٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>