للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان مرتب المفتي والإمام على حساب الدولة، ومن المفهوم أن المدرس هو أحد هذين. أما الموظفون الآخرون في المساجد فعلى حساب الميزانية المحلية والبلدية. وبذلك تخلت الدولة عن مهمتها نحو المساجد رغم أنها هي التي استولت على أوقافها وصادرت أموالها. وفي مكان آخر وصف دور المدرسين بأنه تعليم شؤون الدين للأطفال والتلاميذ البالغين (١). وهذا في الواقع هو مستوى التعليم الذي بقي معترفا به (التعليم القرآني).

وفي سنة ١٨٩٧ وصف المدرسون بأنهم هم الذين يقومون بالتعليم العالي في المواد الآتية: التوحيد والفقه والنحو والأدب وعلم الفلك، وعرفوا بأنهم العلماء أكثر تقدما في التعليم، وبذلك تطور مفهوم المدرس عما كان عليه منذ سنة ١٨٥٠ في نظر الفرنسيين. فالعلماء أصبحوا يكونون التلاميذ لوظائف الديانة، ومن بينهم تختار الدولة عادة المفتين والقضاة (٢). ولا شك أن هذا خلط بين وظيفة المدرس في المساجد ووظيفة المدرس في المدارس الشرعية الفرنسية التي تأسست هي أيضا سنة ١٨٥٠. أما مدرسو المساجد في العهد الفرنسي فلا يعلمون الأدب ولا البلاغة ولا علم الفلك. أنهم يلقون درسا في التوحيد للعامة، كما قلنا، أو في مبادئ الدين، بأسلوب تراقبه السلطة، وهي التي تجعل عليهم عيونا راصدة. وهذا التعليم المبسط جدا أصبح يقوم به المفتون الذين كانوا على رأس مساجد الدرجة الأولى في المدن الكبيرة (٣). في هذه المرحلة أيضا - الخمسينات - كان عدد المدرسين حوالي ستة في المساجد وحوالي تسعة في المدارس الشرعية الثلاث. فتكون الجملة حوالي خمسة عشر مدرسا رسميا في الجزائر كلها.


(١) السجل (طابلو) سنة ١٨٤٦ - ١٨٤٩، ص ٢٠٥، وكذلك لويس رين (مرابطون وإخوان)، الجزائر ١٨٨٤، ص ١٣.
(٢) ديبون وكوبولاني، مرجع سابق، ص ١٣.
(٣) في إحصاء صدر في كتاب بعد الاستقلال أن عدد المدرسين في الجزائر خلال العهد الفرنسي كان ٢١ مدرسا، وعدد المفتين (وهم مدرسو المساجد) كان ٢٥ مفتيا. انظر قوانار Goinard (الجزائر)، باريس، ١٩٨٤. ص ٢٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>