للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنذ أوآخر القرن الماضي بدأ التفكير في توسيع دروس المدرسين تبعا لإصلاح المنظومة التعليمية الذي جاء سنة ١٨٩٥. وكان هدف المسؤولين الفرنسيين امتصاص عدد من خريجي المدارس الشرعية (الفرنسية) الذين بقوا بدون عمل بعد تقليص دور القضاة المسلمين وحصره في الأحوال الشخصية فقط، كما أن غرضها كان محاولة استقطاب عدد من خريجي الزوايا الذين بقوا مهمشين مشكلين في نظر الفرنسيين خطرا عليهم. ومن جهة أخرى فإن توسيع دروس المساجد سيدعم حركة التعليم الابتدائي التي جاء بها إصلاح ١٨٩٥. وهكذا شرع منذ حوالي ١٩٥٥ في إحداث دروس في المساجد لم تكن من قبل، ووقع تجنيد عدد من المدرسين في مساجد كانت مهملة منذ عشرات السنين، في مختلف أنحاء القطر. وتتحدث المصادر على وجود واحد وعشرين مدرسا (٢١) فقط سنة ١٩٥٥ (١)، ولكن هذا العدد تضاعف خلال عشر سنوات، كما سنرى من تقارير المفتشين. وكان هؤلاء المدرسون مقسمين كالآتي: أربعة في العاصمة: الجامع الكبير والجامع الجديد وجامع سيدي رمضان وجامع صفر (٢)، واثنان في قسنطينة: الجامع الكبير وجامع سيدي الكتاني، ومدرس واحد في كل من المدن الآتية: البليدة، المدية، مليانة، تيزي وزو، الأغواط، مستغانم، وهران، تلمسان، سيدي بلعباس، جيريفيل، معسكر، بجاية، عنابة، طولقة، بسكرة، وهؤلاء المدرسون يتقاضون مرتباتهم من الميزانية الرسمية، وهم معينون من قبل الحكومة في هذه المسؤوليات.

وفي ٥ يونيو (جوان) ١٩٥٥ صدر برنامج موحد للمدرسين في جميع أنحاء الجزائر، وهو صادر عن إدارة الشؤون الأهلية بالحكومة العامة، وكان على رأس الإدارة المذكورة عندئذ المستعرب دومينيك لوسياني D.Luciani، الخبير في شؤون الجزائريين والعرب والإسلام وناشر عدة مؤلفات بالعربية


(١) أبو بكر بن أبي طالب (روضة الأخبار)، الجزائر، ١٩٥١، ص ٥٨.
(٢) وهذه الأربعة هي كل ما بقي من مساجد الجزائر المائة، إضافة إلى جامع سيدي عبد الرحمن الثعالبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>