للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التعليم الأدبي لأولئك الذين لا يحاولون تولي الوظائف العامة، أو أولئك الذين لا يقدرون أو لا يريدون متابعة دروسهم في المدارس، ولكنهم يرغبون في تنمية معارفهم التي حصلوا عليها في المدارس الابتدائية. وهذا في الحقيقة هدف واحد فقط من المخطط، وهو نشر ثقافة عامة ابتدائية بين المتعلمين وحتى غير المتعلمين، وكان ذلك هو غرض التعليم في المساجد منذ ما قبل الاحتلال. ولكن التجربة انقطعت وثقافة المدرسين أنفسهم صعفت، كما عرفنا.

ولكن ليس ذلك فقط. فمنشور جونار أشار أيضا إلى هدف آخر، وهو في الواقع المقصود بالذات في تلك الأثناء. ونعني به (إعداد الشبيية الأهلية في المدارس الابتدائية العربية - الفرنسية، لدخول مؤسسات التعليم العالي الإسلامي. وعليهم أيضا (أي المدرسين) في كلمة واحدة، أن يساهموا، في نطاق وسائلهم، في اليقظة العقلية والمعنوية للسكان الأهالي، ومن ثمة فإنهم لا يدرسون الفقه للعامة في المساجد أو للراغبين في وظيفة عمومية إلا بعنوان ثانوي فقط) (١).

وهكذا بدأ مدراء المدارس الشرعية - الفرنسية في ممارسة تفتيشهم السنوي على دروس المساجد. وكانوا يقدمون تقاريرهم إما إلى الوالي في المناطق المدنية أو إلى الحاكم العسكري في المناطق العسكرية، وانتزعت الرقابة من أيدي المترجمين. وأخذ المراقبون الجدد في "تطهير) الدروس المسجدية من المواد الخطرة، كما قال الفريد بيل، وتحكموا في الأفكار وراقبوا سيرة المدرسين وقيمة طريقتهم ودرسهم، وحضور تلاميذهم الخ. وكانوا في كل تقرير يوصون بالعزل أحيانا والترقية أحيانا أخرى، ويبدون ملاحظات هامة على الأشخاص والمناهج والأفكار.

إن هذا التعليم المسجدي الجديد كان يقوم به مدرسون جزائريون


(١) واضح من هذا النص استجابة جونار لنقد مدراء المدارس الشرعية، فهو إلى جانب الرقابة يقلل من أهمية تدريس الفقه في دروس المساجد.

<<  <  ج: ص:  >  >>