للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تسميهم الحكومة الفرنسية وتدفع إليهم أجورهم عليه. وهو تعليم يشبه في محتواه التعليم السائد في بعض الزوايا والذي كان موجودا من قبل في المساجد أيضا. ولقد كان المدرس في الماضي هو الذي يختار مادته التي يجيدها ويحضر إليه التلاميذ فإذا أعجبهم بقوا معه وتوسعت حلقته وذاع صيته في اختصاصه وترقى بمعارفه. أما خلال العهد الفرنسي الأول فقد عينت للمدرس، مهما كانت قدرته، مادتان لا يخرج عنهما، وهما التوحيد والفقه. وحتى في تدريس هاتين المادتين لم يكن حرا، فقد كان تحت المراقبة الشديدة وكانت بعض الأبواب ممنوعة عليه، في الفقه، كما أن مادة التوحيد قد ألغيت بعض الأحيان. أما الطريقة فهي الطريقة الإسلامية المعهودة، انتقاء المسألة وتقريرها وشرحها والاستشهاد لها وجلب مختلف الآراء حولها، ثم الخلاصة والاستنتاج. ولكن الفرنسيين ينعتون هذه الطريقة بطريقتهم هم في العصور الوسطى حين يقضي المدرس وقتا طويلا في شرح كلمة ومرادفها، والتلميذ لا يتبعه في ذلك).

أما الحضور لهذه الدروس في الوقت الذي نعالجه (بعد ١٩٠٥) فهم عادة يعرفون القراءة والكتابة ويحفظون القرآن أو أجزاء منه. ولكنهم يجهلون أبسط قواعد النحو. فهم يجلسون هامدين دون فهم شيء مما يلقيه عليهم المدرس من النص الأدبي خلال بضعة أشهر، وأحيانا خلال عدة سنوات، رغم شرح المدرس لهم. فالتلاميذ ينظرون إلى الكتب على أنها مقدسة، وهم بهذه النظرة إليها إنما يرضون الله في الدنيا والآخرة، حسب نقد النقاد الفرنسيين. لأنها كتب تخدم الدين. أما الأستاذ فهو يحاول فقط إظهار قوته الأدبية والخطابية ولا يكلف نفسه سؤال التلاميذ ومدى متابعتهم لدرسه. وإذن فالمدرسون لا يتبعون برنامج التدريس ولا المنهاج السليم في نقل معارفهم إلى تلاميذهم. وما دام التدريس خاليا من منهج التعليم الحقيقي فلا سبيل إلى تصنيفه حسب مستويات محددة كالابتدائي والثانوي والعالي. وإنما هو تعليم مصنف حسب مكانه: المسيد أو الشريعة، والزاوية ثم المسجد. هذا هو النقد الذي وجه إلى تدريس المدرسين بالمساجد. وفيه كثير

<<  <  ج: ص:  >  >>