ولد بالعاصمة سنة ١٢٢٧ (١٨١٣)، وهو من جبل عمال من سلسلة جبال الأطلس التلية القريبة من العاصمة، ومن ذلك نسبته (العمالي)، وكان أبوه رحمانيا من أتباع وتلاميذ الشيخ محمد بن عبد الرحمن الأزهري. وكان مقدما له. وحفظ حميدة العمالي القرآن على المؤدب الشيخ سيدي عمرو، الذي ذكرناه سابقا، وقد نوه به العمالي في كناشه حين وفاته سنة ١٢٧٥. وأخذ العلم عن شيوخ بقيت أسماؤهم وآثارهم محفورة، منهم مصطفى الكبابطي ومحمد بن الشاهد (١)، ومحمد واعزيز، ومحمد العربي، إمام الجامع الكبير في وقته. وقد أجازه محمد الصالح الرضوي البخاري، وحمودة المقايسي، وأحمد بن الكاهية، ومعظم هذه الإجازات في الحديث والصحاح الستة.
وكانت أوليات حميدة العمالي في عهد بوجو وعهد راندون Randon، وكانت وظيفته الأخيرة، وهي الفتوى في عهد بيليسييه Pelissier وماكماهون Mac-mahon، وهي العهود الصعبة من حياة الجزائر، ويسميها الفرنسيون عهد الاحتلال والتهدئة. وقد عاصر ثورة ١٨٧١ أيضا، وكانت بقيادة رحمانية. وقد تولى العمالي عدة وظائف للفرنسيين منها القضاء ١٨٤٩ والفتوى ١٨٥٦، وكان الوظيف الأول أكثر خطورة لأنه عملي ومتصل بمصالح الناس ومصالح الفرنسيين التي كثيرا ما تتعارض، أما الفتوى فقد كانت شرفية فقط - له ولغيره - كما سنرى. وله رسائل إدارية وجهها إلى السلطات أثناء توليه الفتوى، وهي لا تخرج عن اقتراحات بشأن تعيين أو عزل بعض الموظفين في السلك الديني.
انتصب العمالي للتدريس في الجامع الكبير. وكان متمكنا من عدة علوم، كالحديث والفقه والتوحيد، ولكنه لم يسمح له بتدريس ما يتقنه
(١) يذكر المشرفي (أبو حامد) أن محمد بن الشاهد كان (شيخ الجماعة) في وقته. انظر (ذخيرة الأوآخر) كما نقل الحفناوي بن الشيخ في (تعريف الخلف)، ٢/ ٥٤٧. وقد اطلعنا نحن على الجزء الثاني من (الذخيرة).