للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك. والغالب عندهم أن ابن الحفاف سيتوب توبة نصوحا رغم عدائه السابق لهم، وكان ذلك هو رأي (دي لا بورت) مسؤول الشؤون الداخلية عندئذ.

سمح الفرنسيون للمفتي عندئذ (١٨٤٥) وهو مصطفى القديري أن يعطيه وظيفة حزاب وحضور بالجامع الكبير ليعيش منهما، وأظهروا له العفو والتغاضي (١). ولكن قضيته بقيت بدون حل. ففي ١٨٤٤ كتب إلى ابن أخته في فرنسا يقول له أخبرهم أن (خالي عالم يقرأ وليس له شيء يدخله، وليس عنده وظيف، وليس الآن بيده شيء يعيش به). وكان ابن الحفاف يطالب بمسجد سيدي رمضان الذي كانت أسرته تتولاه منذ ستين سنة مضت، ولكن تولاه الشيخ قدور بن المسيسني إثر خروج ابن الحفاف من الجزائر. وفي ١٨٤٧ ذكر في طلبه الجامع المذكور وألح على أنه عندئذ لا دخل له سوى عشرة فرنكات شهريا، مع أنه صاحب أولاد. ويبدو أن السلطات الفرنسية استجابت لطلبه فعينته سنة ١٨٤٨ وكيلا لجامع سيدي رمضان. وفي سنة ١٨٥٩ عينوه مفتيا في البليدة.

معلوماتنا الأخرى عن علي بن الحفاف مفرقة وضعيفة رغم شهرة أسرته وشهرته هو بين المعاصرين. من رسائله نعرف أنه كان ضعيف الأسلوب والثقافة. ولكن الرسائل تنتهي عند توليه وظيفة الفتوى، وهو تاريخ مبكر نسبيا. ذلك أن حياته قد امتدت بعد ذلك. فهل اكتسب علما جديدا، ومن أين؟ يقول مترجموه أنه من تلاميذ إبراهيم الرياحي التونسي، ولا ندري كيف تمت هذه التلمذة، ذلك أن الرياحي لم يزر الجزائر فيما نعلم (٢). وكان ابن


(١) جاء في رسالة المفتي القديري إلى السلطات الفرنسية أن ابن الحفاف (طالب عظيم). انظر مقالتنا (من رسائل علماء الجزائر) في (أبحاث وآراء) ج ٣.
(٢) جاء في كتاب (الحقيقة) لمحمد البهلي النيال، ص ٣٣٠ أن إبراهيم الرياحي قد زار الحاج علي التماسيني سنة ١٢٣٨، وكان التماسيني قد تولى مشيخة التجانية بعد وفاة أحمد التجاني بالمغرب. فإذا صح ذلك فإن زيارة الرياحي قد وقعت قبل الاحتلال الفرنسي للجزائر بحوالي عشر سنوات. ولعله زارها وهو في طريقه إلى المغرب سنة ١٢١٨ هـ. وقد يكون زارها بعد ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>