للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتمسك بالتراث إلى الإيمان بالإصلاح على طريقة الشيخ محمد عبده. وباعتباره أحد مدرسي هذه الفترة في العاصمة استحق منا هذه اللفتة. أما مؤلفاته فسنعالجها في موضوعها إن شاء الله، وكذلك سنتناول دوره في جريدة المبشر في موضعه.

من الذين عرفوه عن كثب وترجموا له هو الشيخ عمر راسم، الصحفي والرسام وقد اعتبره شاعر الجزائر وقال إن له ديوانا ضاع وأنه كان هجاء، الخ. ونحن لا يهمنا شعر محمد بن مصطفى خوجة الآن ولكن هذه الميزة التي عرف بها بين معاصريه. كما وصفه عمر راسم بأنه كان خبيرا بشؤون المشرق حتى كأنه عاش فيه مائة سنة. ونحن نفهم من هذا أنه كان يتابع تطورات المشرق في الفكر والسياسة والأدب نتيجة عمله في جريدة المبشر، ولعله كان مكلفا فيها بقسم المشرق وإنتاج المطابع هناك وشخصيات الشرق وتياراته الفكرية. ألم يسند هو حركة الشيخ محمد عبده ويؤمن بطريقتها في التعليم والتحديث والابتعاد عن السياسة؟ ألم يراسل الشيخ محمد رشيد رضا ويقرأ مجلة المنار ويعجب بمبادئها؟ وتشهد تآليفه عن المرأة وعن التسامح الديني وعن الدفاع عن الإسلام وغيرها على متابعته للقضايا الاجتماعية والثقافية والدينية التي كانت تتفاعل في المشرق.

ولد الشيخ محمد بن مصطفى خوجة سنة ١٢٨١ (١٨٦٥)، أي زمن الحديث عن المملكة العربية في عهد نابليون الثالث، وزمن المرسومين الشهيرين اللذين أثرا على مستقبل الجزائر (الفرنسية): أولهما مرسوم تمليك الأرض العرشية للأفراد، ومرسوم فتح التجنس بالجنسية الفرنسية لمن يشاء بشرط التخلي عن الأحوال الشخصية الإسلامية. لقد نشأ هذا الشيخ في مرحلة انتقالية من سيطرة العسكريين إلى سيطرة المدنيين الفرنسيين، وضياع حقوق الجزائريين بين هؤلاء وأولئك. ولا ندري إن كان الشيخ قد درس في إحدى المدارس الشرعية - الفرنسية الثلاث، والظاهر أنه لم يفعل لأن المترجمين يذكرون من شيوخه المفتي علي بن الحفاف وهو لم يكن من مدرسي هذه المدارس. وبدون شك أنه قرأ على آخرين مثل الشيخ محمد

<<  <  ج: ص:  >  >>