للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(حزب فرنسا) الذي كان زعماؤه من النخبة، وإما أن يعارض فتغضب منه السلطات الفرنسية ويكون بذلك قد وقف موقفا سياسيا لا يقفه من كان متوليا وظيفة رسمية. وقد رأى لوسياني أن ينقذ جلد ابن زكري فنصحه بالسفر إلى الخارج أثناء الأزمة. وهكذا سافر الشيخ إلى بلاد الشام سنة ١٩١١. وقد حضر لوسياني الاجتماع الذي انعقد بمدينة الجزائر لمناقشة موضوع التجنيد علنا مع والي الجزائر، كما حضره ابن سماية، كما ذكرنا، وكان اجتماعا صاخبا، نقله قلم عمر بن قدور في وقته (١).

وفي هذه الأثناء كان لوسياني ومارسيل موران (أستاذ وعميد كلية الحقوق) يعدان أيضا مشروعا آخر وهو تدوين الفقه الإسلامي. وكان لوسياني في حاجة إلى خبرة ابن زكري في الفقه. فاستعان به، كما استعان بغيره. وقد ذكرنا أن بعض المدرسين قد تخرجوا على يدي ابن زكري. فقد جمع بين تدريس الفقه في مدرسة الجزائر والتدريس في الجامع الكبير، والإمامة في جامع سيدي رمضان. وكلها وظائف لا تكاد تخرج عن الفقه. وقد بقي ابن زكري في وظيفة الفتوى إلى وفاته سنة ١٩١٤. ولا ندري إن كان قد حج أثناء رحلته المشرقية، وكم بقي هناك، ومدى صلته بالشيخ طاهر الجزائري الذي كان عندئذ هاربا إلى مصر خوفا من الشبان الأتراك. وكانت بين ابن زكري والشيخ طاهر مراسلات وصلات قبل ذلك (٢). وأننا إذا عدنا إلى حياة ابن زكري وإالى حياة الشيخ أبي يعلى الأولى توقفنا علامات استفهام كثيرة. ولكن ما أكثر علامات الاستفهام أمام الآخرين أيضا!.

١٥ - محمد العاصمي: ومن هؤلاء الشيخ محمد العاصمي فقد كان من المثقفين العصاميين، أمثال ابن زكري والحفناوي بن الشيخ. جاب المساجد


(١) انظر كتابنا (الحركة الوطنية الجزائرية)، ج ٢. وكذلك فصل المنشآت الثقافية من كتابنا هذا.
(٢) انظر بحثنا (مشروع تاريخ زواوة) في (أبحاث وآراء) ج ٢. وكذلك جريدة (كوكب أفريقية) ٣ مايو ١٩١٤، وسعد الدين بن شنب (نهضة الجزائر ...) ورسالة الباحث ابن عدة، مرجع سابق. وسنذكر تدخل ابن زكري لصالح الشاعر عاشور الخنقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>