للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تطورت الحياة بالشيخ العاصمي، فرغم علمه وقلمه الظاهري وابتعاده عن الشعوذة والدجل، كما قال، فإننا نجده قد انضم إلى الجهة التي تساند الإدارة الفرنسية سنة ١٩٣٢. فكان يكتب في جريدة (الإخلاص) لسان حال جمعية علماء السنة التي عارضت اتجاه جمعية العلماء الإصلاحي. ولعل وظيفته الرسمية، وليس قناعته، هي التي أملت عليه ذلك الموقف. وهذا الموقف أيضا هو الذي جعله يبقى في إطار الوظائف الرسمية ويتدرج فيها، فكان يعطي دروسا في اللغة العربية في جامعة الجزائر، وتولى الإمامة بجامع سيدي رمضان، ثم بالجامع الكبير، ومنذ ١٩٤٤ تولى الفتوى بالجامع الجديد. وكان الشيخ العاصمي، موهوبا، وله قلم بارع، وفكر ناصع، وطموح يشبه الغرور. ومن الصعب على أمثاله أن يعيش في ظل الاستعمار الحرور، فهو إما أن يحترق معه أو يحترق خارجه (١). ولا ندري كيف سيكون موقف العاصمي من ثورة ١٩٥٤ لو أدركها. وسنتحدث عن بعض إنتاجه في مكان آخر.

...

بدون شك هناك غير هؤلاء من المدرسين في العاصمة موظفين وأحرارا، سيما في فترة ما بين الحربين. ومن أبرزهم الشيخ العقبي الذي غطى على الجميع بين ١٩٢٩ - ١٩٤٠. وقد نتناول حياته في موضوع آخر. وما أردنا بذكر الذين أتينا عليهم إلا لنعرف مدى هذه السياسة التي تبنتها السلطة نفسها وسمتها تنشيط المساجد. فهل حققت الهدف منها؟ وهل كان نوع التدريس يتماشى مع تقاليد التعليم المسجدي؟ قبل أن نجيب على ذلك


(١) عنه انظر رسالة الباحث أحمد مريوش عن (الشيخ الطيب العقبي)، وقد جاء فيها أن الشيخ العاصمي قد تولى إدارة مجلة (صوت المسجد) التي كانت لسان حال رجال الدين الموظفين، وقد بقي في الفتوى إلى وفاته في حادث سيارة في ١٤ نوفمبر ١٩٥١. عن مقالته في (تقويم المنصور) السنة الخامسة (١٣٤٨ هـ)، انظر ص ٢٧٦ - ٢٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>