الناحية بجدب علمي كبير نتيجة هجرة العلماء إلى المغرب والمشرق. ومن العائلات التي كانت تشتغل بالتدريس ثم هاجرت: عائلة المشرفي من معسكر، وعائلة المجاوي وعائلة محمد بن سعد من تلمسان، كما نقلت السلطات الفرنسية بعض علماء الغرب إلى الشرق الجزائري، مثل عائلة بو طالب.
وحين فتح الفرنسيون مدرسة تلمسان الرسمية سنة ١٨٥١ لم يجدوا من يعمرها في دراسة المواد العربية والإسلامية إلا القليل. ومن الأسماء التي دخلتها عندئذ الشيخ أحمد بن البشير ومحمد بن عبد الله الزقاي. وظلت عائلة بوراس المازونية تخدم العلم في مازونة أيضا. وقد تولى الشيخ أحمد بلبشير إدارة المدرسة، حسب بعض المصادر، إلى أن أصيب في عينيه. وتخرج على يده الجيل الأول، ولا نعرف أنه كان مدرسا قبل ذلك في المساجد بتلسمان. أما الشيخ الزقاي فقد كان تكوينه من الطراز القديم. فأخذ العلم في تلمسان ثم هاجر في سبيله إلى تونس ومصر، ومن تلاميذه قاضي تلمسان شعيب بن علي المعروف بالجليلي وعبد القادربن مصطفى المشرفي. وللزقاي تآليف ذكرها الحفناوي في تعريف الخلف، سنوردها في جزء آخر (١). وقد تعلم في موطنه ثم درس في الأزهر وأدى فريضة الحج وأخذ عن علماء الحجاز. وبعد رجوعه إلى الجزائر تولى التدريس في مدرسة تلمسان الرسمية كما تولى وظيفة القضاء وعضوية المجلس القضائي الرسمي أيضا.
وقد حاولت السلطات الفرنسية أن توظف علم الشيخ الزقاي لدعايتها في توجيه الجزائريين لقبول المرسوم الشهير المتعلق بتقسيم الأراضي العرشية وجعلها ملكية فردية، سنة ١٨٦٣. فقد وجدناه يكتب، دون أن يكون له معرفة بأبعاد وخطورة المرسوم على وحدة المجتمع، مقالة مطولة ينصح فيها
(١) عن الزقاي انظر كناش تلميذه القاضي شعيب بن علي، مخطوط المغرب، ك ٤٨. وفيه أنه نال إجازات عديدة من علماء الأزهر. وإجازة المشرفي له. انظر أيضا تعريف الخلف ٢/ ١٥٥.