المدرسة في المكان الجديد (١)، لأن الشيخ حمدان يعتبر من بين المدرسين الأكثر ذكاء وإخلاصا للتعليم الإسلامي. وكان راتبه ٧٥ ف. فقط. وليس وحده في ذلك، بل إن كل مدرسي المساجد، كما جاء في تقرير سان كالبر لسنة ١٩٠٧، كانوا يتقاضون نفس الراتب.
لكن هذا التنازل من المفتش، وهذا التقدير لدور الشيخ في التعليم والاعتراف بفضله وذكائه سرعان ما تبخرت. فما السبب؟ هناك سر ليس لدينا منه خيط. هل تضايق الشيخ حمدان نفسه من ملاحظات المفتش؟ هل ضايقته الإدارة في قضايا أخرى غير التعليم؟ هل كان للمفتي ابن الموهوب دور في ذلك؟ وهل كان للتنافس بين مدرسي المساجد ومدرسي المدرسة الشرعية الرسمية دور أيضا؟ ولو تغير المفتش لقلنا أن العلاقة مع الشيخ قد تغيرت معه أيضا. ولكن سان كالبر استمر هو المفتش بعد ذلك لفترة طويلة. فمن كان وراء طرد الشيخ حمدان من التدريس في الجامع الكبير بعد أن قضى فيه حوالي ٣٠ سنة، وشهدت له التقارير بالنجاح في مهمته.
يبدو أن المفتش قد عجز عن إقناع الشيخ بتغيير طريقته فاوصى (الإدارة) باتخاذ اللازم نحوه، فعزلته. ولكن هل المسألة تتعلق باستعمال السبورة فقط؟ لا نرى ذلك أبدا، فقد كان شيوخ آخرون في قسنطينة وفي غيرها لم يستعملوها ولم يكن مصيرهم الطرد، سيما مع مدرس يقال عنه أنه ناجح وله تأثير. إذن هناك سر آخر. فقد جاء في تقرير سان كالبر لسنة ١٩٠٩ أنه (نصح الشيخ حمدان وكرر النصيحة باستعمال السبورة فلم يذعن لذلك، فأوصى بأن تتولى الإدارة نفسها الموضوع معه. وهكذا وجدنا في تقرير ١٩١٥ الصادر عن نفس المفتش أن الشيخ حمدان بن أحمد الونيسي قد طرد Révoqué من وظيفته كمدرس، وعوض بالشيخ عبد المجيد بن عبد الله بوجمعة، مدرس اللغة العربية والأدب بالمدرسة الشرعية الرسمية، وقد تولى
(١) يبدو أنه ما عدا الفقه والتوحيد، يمكن للمدرس أن ينوع الكتب. فقد وجدنا بعضهم يستعمل أيضا ألف ليلة وليلة، ومقامات الحريري ومجاني الأدب، الخ.