بوجمعة وظيفته الجديدة في شهر مارس ١٩١٥، دون ذكر السبب في عزل الشيخ حمدان وطرده. ويذكرنا هذا الموقف بما حدث للشيخ الكبابطي سنة ١٨٤٣ حين عزل من الإفتاء والتدريس في الجامع الكبير بالعاصمة ونفي إلى الخارج لمعارضته إدخال اللغة الفرنسية في المدرسة القرآنية. فهل وقف الشيخ حمدان موقفا شبيها بذلك أيضا فاستحق عليه هذا العقاب؟.
إن الغريب في الأمر هو أن المفتش قد كرر في تقرير سنة ١٩٥٩ منح الوسام للشيخ حمدان. ولا ندري الآن تاريخ العزل بالضبط. ولكن يبدو أنه كان خلال ١٩١٥ ما دام الشيخ بوجمعة قد استلم عمله الجديد في مارس من هذا العام. وهكذا بدل استلام الوسام استلم الشيخ قرار الطرد. ومن المحتمل أن يكون هذا القرار راجعا إلى رفضه الوسام (١). وقد قال المفتش في تقريره لسنة ١٩١٥ أن عدد التلاميذ قد ازدادوا بعد طرد الشيخ حمدان. فقد كانوا ٢٩ سنة ١٩٥٩، فأصبحوا ٦٢ سنة ١٩١٥.
والمتواتر بين المعاصرين أن الشيخ حمدان قد هاجر إلى الحرمين سنة ١٩١٥. والخروج من الجزائر عندئذ يحتاج إلى رخصة رسمية. فهل طلب الشيخ حمدان رخصة الحج أو رخصة أخرى فمنحت له دون تردد؟ إن حركة الهجرة نحو المشرق عندئذ كانت شائعة، وقد عرفت سطيف وقسنطينة وسيدي عقبة وغيرها حركة نشيطة نحو الشام والحجاز. ونعرف أنه خلال هذه الأثناء هاجرت أسرة الشيخ محمد البشير الإبراهيمي أيضا من نواحي سطيف. ثم جاءت الهجرة الجماعية من تلمسان ١٩١١. فهل تدخل هجرة الشيخ حمدان ضمن هذه الحركة الاحتجاجية على التجنيد الإجباري؟.
استقر الشيخ حمدان في المدينة المنورة. ولا ندري البلدان التي مر بها والعلماء الذين تعرف عليهم أو تعرفوا عليه. وبعد أدائه للشعائر الدينية انتصب للتدريس هناك. وقد وجدنا في أحد البحوث التي قام بها أستاذ من
(١) ابتداء من سنة ١٩٥٩ لا نجد اسم عبد الحميد بن باديس في قائمة تلاميذ الشيخ حمدان، وبذلك يكون عبد الحميد قد ذهب إلى تونس للدراسة.