للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن دور المدرسين لم يعد هو نشر الثقافة الإسلامية وإحياء التراث، كما فهمه المدرسون الأوائل، أمثال حمدان الونيسي في قسنطينة، ومحمد خمار في بسكرة.، والدايجي في معسكر، الخ. ولكن دورهم أصبح هو تعليم التلاميذ الأهالي النحو والأدب العربي والفقه الإسلامي وإعداد المترشحين لوظيفة مدرسين، حسب تعبير الكاتب العام للشؤون الأهلية في الحكومة العامة (١). والواقع أن هذا الدور قد تقلص أيضا. فقد رأينا أن المفتشين كانوا يوجهون المدرسين إلى إعداد التلاميذ لدخول المدارس الشرعية - الفرنسية وليس لتعليم الأهالي النحو والأدب العربي والدين الإسلامي. وقد انتزعت عن المدرسين الصفة الدينية لا من حيث القانون الوظيفي فقط، ولكن من حيث المواد والتوجيه. وقد صدق وصف ألفريد بيل لهم بأنهم وسطاء بين معلمي التعليم الفرنسي - العربي في المدارس الابتدائية والتعليم العالي الذي تمنحه المدارس الشرعية - الفرنسية الثلاث أيضا (٢).

وقد دكرنا أن البرنامج أصبح موحدا. ولكن قبل ذلك شغل أمره الفرنسيين طويلا. فدروس المساجد قبل ١٨٩٨ كانت محصورة في الفقه والتوحيد وموجهة للعامة، وكانت تحت رقابة مشددة، وبعد إفساح المجال لدروس أخرى في الأدب والنحو والحساب، خرجت بعض الدروس من المساجد إلى المدارس أو الحجرات المجاورة. وبقيت أحيانا أخرى في المساجد نفسها. وكانت الكتب المختارة غير مقررة ولا موحدة، وكان هناك مجال للاجتهاد الشخصي الذي لا يرغب فيه الفرنسيون، واعتبروا ذلك فوضى. ومن ثمة وحدوا البرنامج وحددوا الكتب لكل مادة. وكذلك حددوا الساعات الأسبوعية، والدروس الاختيارية والإجبارية، وأنشأوا دورة تفتيش سنوية، وصدر بذلك قرار من الحاكم العام على الجميع تنفيذه. وكان الشبح الذي وراء كل ذلك هو دومينيك لوسياني مدير الشؤون الأهلية عندئذ. ومنذ


(١) أرشيف إيكس، رقم ٤٧ H ١٤.
(٢) مدرسة العاصمة فقط هي التي كان فيها المستوى العالي.

<<  <  ج: ص:  >  >>