١٩٠٧ اقترح بعص المفتشين أن لا يحتكر المسجد هذه الدروس، وقالوا أنه يمكن إخراجها إلى قسم (فصل) في إحدى المدارس الابتدائية الفرنسية. ومن هنا بدأ الخلط ثم استمر. وقد أنشئت مكتبة عربية للمدرسين يرجعون إليها لتحضير دروسهم في كل مركز، وهو شيء جيد، ولكن هذه الكتب كانت مراقبة، وكانت تأتي عن طريق الشراء أو التبرع أو الهدية من السلطات الفرنسية نفسها. وكان بعضها من تأليف أو ترجمة المستشرقين أنفسهم. ويمكن للتلاميذ أيضا الاستفادة من هذه المكتبات.
وقد أخذ المفتشون يوجهون تعليم المساجد نحو العصرنة، مطبقين قواعد المدرسة الفرنسية، كاستعمال المدرس للسبورة، والاحتفاظ بدفتر الحضور، وتدوين المذكرات من قبل التلاميذ، ومراعاة هيئة المدرس، وتأثيره في التلاميذ والمحيط، ولغته وصوته الخ. وأبرز المقاييس التي كان المفتشون يطبقونها على المدرس هي نوعية التلاميذ: من أهل البلاد أو من خارجها، ويتكلمون الفرنسية أو لا يتكلمونها، ومن أطفال المدارس الابتدائية الفرنسية أو من عامة الناس، وكم يترشح منهم لدخول المدرسة الشرعية الفرنسية. وليس المهم النجاح في هذا الاختيار ولكن المهم هو المشاركة والاتجاه. ويضاف إلى هذه المقاييس كون المدرس متعاونا مع السلطات المحلية أو منعزلا عنها أو متجافيا.
وبالنسبة لإحصاء التلاميذ، ذكرنا نمادج منهم فيما مضى عند كل مدرس حسب تقارير التفتيش. ونذكر الآن نموذجا خاصا بتلاميذ ولاية الشرق (قسنطينة). وبناء على تقرير ١٩٠٧ الذي كتبه شارل سان كالبر حول المراكز التسعة التي زارها (باستثناء العين البيضاء) كان مجموع التلاميذ ١٩٥ مسجلا، وهذا لا يعني استمرار حضورهم جميعا. وهم موزعون على قسنطينة (مسجدان)، وعنابة وسطيف وبجاية ووادي الزناتي، وميلة، وبسكرة والمسيلة: أعلاها ٢٧ مسجلا في ميلة وأدناها ١٧ في الجامع الكبير بقسنطينة.
وقد لاحظ صاحب التقرير أن النسبة تبدو مرتفعة ولكنها غير كافية، خصوصا وأنه لا يوجد من بين المسجلين سوى ٢٥ مستمعا (من ١٩٠)