التي أسميناها الشرعية - الفرنسية)، لتمتص التلاميذ الذين كانوا من قبل يتوجهون إلى الزوايا الريفية وإلى المرابطين للتعلم، أو يقصدون المعاهد الإسلامية خارج الجزائر. أما خلال المرحلة الثالثة فإن الفرنسيين، قد أنشأوا المدرسة الابتدائية الفرنسية بجوار الزوايا، وضيقوا - كما قلنا - على هذه الزوايا مجال النشاط، وفتحوا مع قادتها باب التدجين والتوظيف. وهكذا حوربت الزوايا على عدة جبهات:
١ - الأولى هدم بعضها ومصادرة أملاكها وأملاك الباقيات منها، وضم مداخيلها إلى أملاك الدولة الفرنسية، في المدن أولا ثم في الأرياف لاحقا.
٢ - الثانية إنشاء المدارس الفرنسية الابتدائية في المدن ثم الأرياف لسحب التلاميذ من الزوايا ونشر التأثير الفرنسي آزاءها.
٣ - الثالثة محاربة كبار المرابطين واستدراجهم بالوظائف والزواج المختلط، وتشجيع الدروشة والتدجيل بدل التعليم.
٤ - وأخيرا منع الزوايا من نشر التعليم العام وفرض برنامج ضيق عليها لا يتعدى تحفيظ القرآن الكريم دون تفسيره أو تعليم قواعد اللغة وأصول الدين دون فهم.
وفي إحصاء يرجع إلى سنة ١٨٥١ جاء أن عدد تلاميذ الزوايا في الأرياف كان ٨.٣٤٧ متعلما، وعدد الزوايا ٥٩٣ زاوية (١). وكان برنامجها هو تعليم الفقه والنحو والتاريخ الإسلامي والأدب، الخ. ويدخلها التلاميذ الذين أنهوا المرحلة الأولى فحفظوا القرآن الكريم، وتعلموا القراءة والكتابة وبعض الحساب والمتون.
ويتحدث تقرير آخر يرجع إلى سنة ١٨٤٠ عن الزوايا الريفية فيقول: في كل قبيلة أماكن مخصصة للتعليم وتكوين الطلبة، وهذه الأماكن مبنية دائما تقريبا قرب زاوية أحد المرابطين الذي اشتهر بورعه وتقاه، سواء كان
(١) ب. دي بوليري Boulery المجلة الشرقية والجزائرية، عدد ٣، ١٨٥٣، ص ٦٠.