للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حيا أو بإشراف أولاده وحفدته. ومدة الدراسة في الزاوية غير محددة، والدروس مجانية، ويعيش الطلبة والمدرسون من تبرعات القبائل المجاورة، وأحيانا يعيشون من مداخيل خاصة بالزاوية (أحباس) ترجع إلى عهود قديمة قدمها إليها أعيان الأهالي الأتقياء والمحسنون. ولا يحمل طلبة الزوايا ولا شيوخها السلاح أو يشاركوا في الحروب بين القبائل. إن دورهم هو التهدئة والإصلاح، والزاوية مكان مقدس للجميع (١).

ويقوم بالتعليم عادة أحد ورثة المرابط من عائلته. وهو يقوم بوظيفة مدرس، دون أن يكون مسمى من الحكومة مثل مدرس المسجد في المدينة (٢). وكانت عائلات المرابطين حريصة على عدم ترك التعليم والتدريس يتدهور لأن ذلك يضر بسمعتها فتفقد المال الذي يتبرع به المحسنون إليها، كما تفقد تأثيرها. وكان حكام الأقاليم في الماضي يطلبون دعم المرابطين في مشاريعهم في مقابل الإعفاء من الضرائب، وقد لجأ الفرنسيون إلى هذه الوسيلة أيضا في عهود مختلفة.

وقد شعر الفرنسيون بالخطر الذي أحدثه هدم زوايا المدن وتعطيلها، فقرروا تعويضها بإنشاء المدارس الإقليمية الثلاث. كما ذكرنا. يقول أحد التقارير: يجب العمل على ملء الفراغ الذي تركه (تهديم الزوايا تهديما يكاد يكون كاملا. لقد أدى ذلك إلى تعطيل كبير في الدراسات الفقهية) حتى أننا لم نجد من أين نوظف القضاة. وإذا لم نملأ نحن هذا الفراغ فسيأتي غيرنا ويقوم به كالدول المجاورة، فيأتي حينئذ من ينشر الفوضى والتعصب خارج رقابتنا،


(١) السجل (طابلو)، سنة ١٨٤٠، ص ٣٧٧.
(٢) في ٦ كتوبر ١٨٥٢ نشر الحاكم العام (راندودن) منشورا حول شروط تولي المؤدب تحفيظ القرآن في الزاوية بهدف التخلص من المؤدبين الذين جاؤوا من تونس أو مراكش، فاشترط شهادة المجلس البلدي أو المكتب العربي، باعتبار أولئك المؤدبين خطرا على سياسة فرنسا في الأعراش. وقد وافق على ذلك وزير الحربية أيضا. ولم تعدل الشروط إلا بتاريخ ٢٢/ ٥/ ١٨٧٧ (عهد شأنزي). انظر ديبون وكوبولاني (الطرق الدينية ...) مرجع سابق ص ٢٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>