السعيد سنة ١٨١٤ تاركا أبناء غير راشدين فتولى شؤون الزاوية تلاميذه (في الأصل والفرع) ومن أبرزهم الشيخ أبو القاسم بن طعيوج (١).
وقبل أن نتحدث عن بعض شيوخ هذه الزاوية نذكر أنها تطورت في القرن العشرين حتى أصبحت تستقبل بعض التلاميذ من البلدان المجاورة. كما أنها وجهت بعثات إلى تونس للتعلم، وأسست لهم هناك دارا استقبال، وكان ذلك منذ أوآخر الثلاثينات من هذا القرن. وهذه الظاهرة - إرسال البعثات - سبقت بها مناطق ومنظمات أخرى كما أشرنا. كما أن بعض زوايا الطرق الصوفية كانت ترسل أبناءها أو أقاربها إلى معاهد العلم، ومنها الزاوية التجانية في قمار وتماسين، والزاوية القادرية في عميش (الوادي). وكذلك فعلت بعض الزوايا في الجهة الغربية بالنسبة للمغرب الأقصى. فإرسال البعثات على يد الزاوية السحنونية، وهي رحمانية، يدخل في هذا الإطار، وهو تشجيع الحصول على العلوم الإسلامية خاصة، باللغة العربية من البلدان المجاورة. ولم تكتف الزاوية بإرسال التلاميذ بل أنها جلبت إليها بعض الشيوخ من تونس للتدريس فيها مثل الشيخ إبراهيم صمادح.
ومن الذين سلكوا هذه السياسة في التعليم محمد الشريف السحنوني بن الشيخ محمد السعيد. فقد تركه والده ابن عشر سنوات (ولد سنة ١٩٠٥) ولذلك تولاه، كما تولى شؤون الزاوية، الشيخ طعيوج، كما ذكرنا. وبعد أن حفظ محمد الشريف القرآن وتتلمذ على ابن باديس، وحصل على نصيب في العلوم قصد تونس بنصيحة ابن باديس ونال من جامع الزيتونة شهادة التحصيل سنة ١٩٣١. وكان ذلك هو تاريخ تأسيس جمعية العلماء وصحوة التعليم العربي الحر في الجزائر. ولذلك كثر الطلبة بالزاوية حتى بلغ نحو ٣٠٠.
(١) هذه المعلومات وافانا بها حفيد الشيخ محمد السعيد، وهو علي امقران السحنوني، في عدة مناسبات، منها واحدة، ابريل ١٩٧٩، عندما كنا نعد الجزء الأول والثاني من هذا الكتاب، ومنها ٢٣ فبراير ١٩٨١ و ١٨ مايو ١٩٨١ الخ. فله الشكر. وقد توفي الشيخ علي امقران سنة ١٩٩٥ أثناء تحرير هذا الكتاب، رحمه الله وأجزل أجره.