وبالإضافة إلى نشر العلوم الإسلامية، كانت الزاوية لا تتوقف عن تحفيظ القرآن الكريم حتى في الصيف.
ويبدو أن الزاوية قد نشطت في عهد الشيخ محمد السعيد وعهد محمد الشريف الأول. فقد كان لها تأثير في نواحي سطيف والبرج وثنية بني عائشة وسكيكدة. وكان الشيخ محمد السعيد من التلاميذ الأوفياء للشيخ الحداد، وللشيخ المجاوي الذي كان يجالسه، وللشيخ حمدان الونيسي الذي ربما حضر بعض دروسه. وكان محمد السعيد يحذق النساخة. ومن الذين أثروا فيه ابن عمه محمد وعلي الذي رباه وعلمه إلى أن نفته (أي محمد وعلي) السلطات الفرنسية إلى (كايان) بعد ثورة ١٨٧١، فكان الشيخ محمد السعيد هو الوصي على عائلته بعد نفيه، وظل على صلة دائمة به حتى بعد أن لجأ (محمد وعلي) إلى المدينة المنورة. وكان لمحمد السعيد تلاميذ ذكرنا منهم ابن طعيوج، ونضيف إليهم محمد امزيان بودريوه الذي أسس زاوية بقرية الشرفة بأكفادو.
أما الشيخ محمد الشريف الذي يبدو أنه تأثر بحركة ابن باديس منذ البداية فمن تلاميذه الشيخان البارزان في جمعية العلماء أحمد حسين وعبد الرحمن شيبان. ولا ندري هل انضم الشيخ محمد الشريف إلى جمعية العلماء أو ظل مستقلا عنها، وإذا لم يفعل، فلماذا؟ أما بالنسبة لحركة التعليم فنعتقد أنها كانت تصب أيضا في اتجاه المحافظة على التراث الوطني. ولعل طابع الطرقية لم ينتزع تماما من نشاط الشيخ محمد الشريف، رغم أن العصر والعلم الذي أخذه لم يجعلاه يعتقد في الطريقة الرحمانية بنفس عقيدة مؤسسها الشيخ الأزهري مثلا.
أشرنا إلى اسم محمد وعلي السحنوني، ولا نعرف الآن تاريخ ميلاده ولا تاريخ وفاته، ولكن نعرف أن له دورا في ثورة ١٨٧١ وأنه قد توفي في المدينة المنورة بعد رحلة طويلة من النفي والمتابعة. درس في زاوية العائلة الأصلية، ثم في زاوية ابن اعراب بتيزي راشد، ثم درس على الشيخ محمد