للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونفس الشيء يقال عن المواد الأخرى، كالنحو والصرف. فالتلميذ يقرأ النص جيدا وينطقه نطقا سليما، لكنه يقلب المعنى بطريقة تثير ابتسامة الغريب عن الموضوع ويجعله يفهم أنه لم يدرك العناصر الأولية للنحو (١). أما عن الحساب فإنه لا يوجد في المنطقة كلها من اشتهر بمعرفة العمليات الأربع، وكذلك معارف الطلبة في علم الفلك. وفي ميدان الفقه تلعب الذاكرة دورا كبيرا ولكن لا وجود للذكاء والتعليل. ذلك أن الشيخ يكتفي بترديد أقوال الشراح الذين ينقل عنهم ولا يضيف رأيه إلى ما يقول لتلاميذه. فهو لا يبين لهم لماذا شرع التشريع، أو لماذا توقف المشرع عند هذه النقطة أو تلك. ذلك أن معرفة النصوص وحفظها هي علم الفقه عنده وعند غيره. وفي هذا الرأي كثير من الصواب، فطريقة التعليم كانت على الجملة عقيمة. وذلك هو ما أدى بالمجتمع الإسلامي كله إلى التدهور الفكري طيلة قرون.

وقد عرف أحد الفقهاء أكثر شهرة في الجزائر ذات يوم فئات المتعلمين التعريف الآتي: العالم هو من إذا طرح عليه مشكل فقهي استحضر له على الفور نصوص المؤلفين السابقين. والطالب هو الذي لا يستطيع استحضار النصوص كالعالم، ولكنه يعرف أين توجد صفحاتها في الكتب بدون تردد. وبعد ذلك تأتي أصناف (الطلبة) حسب طبقاتهم العلمية، وكذلك حسب أهمية الموضوع، وقدرتهم على استحضار الصفحات في المؤلفات الخ.

ومن النقد أيضا أن الزوايا لا تدرس علوما أخرى مثل الأدب والتاريخ والجغرافية والرياضيات والعلوم الطبيعية. والقليل من الناس فقط هم الذين سمعوا بهذه العلوم في المنطقة (٢).

وإلى جانب هذا النقد الصارم للبرنامج يوجد أيضا إعجاب واهتمام


(١) قارن ذلك برأي ألفريد بيل أيضا في حكمه على تعليم المدرسين بالمساجد، أوائل هذا القرن (حوالي ١٩٠٨).
(٢) هانوتو ولوتورنو، مرجع سابق، ص ١١٣ - ١١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>