للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والبركة. ويبدو أن ذلك التغيير حدث منذ أول هذا القرن. ولا ندري ما الدوافع التي كانت وراء ذلك. والمهم أن التعليم المقصود هنا ليس هو التعليم الشعبي المفتوح ولكن الخاص، الخاص بأبناء الزاوية أنفسهم، بل بأبناء الأسرة الينبوعية. فنحن نعلم أن الشيخ محمد العروسي كان من المتعلمين والأدباء في آخر القرن الماضي وأوائل هذا القرن (توفي حوالي ١٩٢٥). ولعله درس في الزيتونة، أو جاء له والده بمن علمه الأدب والفقه والتوحيد، على عادة الأسر الكبيرة التي لا ترغب في الاختلاط بأبناء العامة (١). ومع انتشار حركة التعلم في الجزائر أوائل هذا القرن أصبح شيوخ زاوية قمار وتماسين يرسلون أبناءهم للتعلم أيضا في تونس على الخصوص.

وفي عائلة محمد العيد الأولى نبتت فكرة اليقظة نحو التعلم. فبعد وفاة ابنه محمد (بن محمد العيد) سنة ١٩١٢ تولى البشير بن محمد، ولكن مدته لم تطل، فتولى بعده محمد العيد بن البشير (سنة ١٣٣٦)، وقد عرف عهده بالتوجه نحو اكتساب العلم. وروى بعضهم (الشيخ بيوض) أن محمد العيد هذا كان أديبا وذكيا، وكان يكره البدع ويغار على الإسلام، ويدعو إلى النهوض والتقدم. وهو من تلاميذ الشيخ محمد الطاهر عمارة أحد علماء تقرت المؤمنين بالإصلاح والتغيير. وقال الشيخ بيوض أن الشيخ محمد العيد بن البشير قد أرسل أبناءه إلى تونس للتعلم. وكان ينصح ويوصي أبناء الزاوية بالاعتماد على النفس. وقد توفي وعمره حوالي أربعين سنة (سنة ١٣٤٠/ ١٩٢٧)، ثم خلفه عمه، أحمد بن محمد بن محمد العيد الأول، وطال عهد مشيخته حوالي ٥٣ سنة (٢).

ونعرف من مصادر أخرى أن زاوية تماسين وزاوية قمار قد استجلبت بعض العلماء من تونس للتدريس لأبناء الزاوية، مثل الشيخ محمد اللقاني


(١) عن دور محمد العيد ومحمد العروسي السياسي والديني انظر فصل الطرق الصوفية.
(٢) توفي سنة ١٣٩٨ (١٩٧٨). انظر عبد الباقي مفتاح (أضواء) مخطوط. وكذلك دبوز (النهضة) ١/ ٥٠ - ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>