للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحاج علي الينبوعي، كان بسيط المعرفة حسب المترجمين له. فلا نعرف له معلما ولا إجازة سوى الإجازة الصوفية التي أخذها عن شيخه أحمد التجاني عندما زاره في المغرب الأقصى. وكان الحاج علي فلاحا معتزا بالفلاحة أكثر منه عالما متعلقا بالعلم والتآليف. ولا شك أنه اهتم بتحفيظ القرآن لأبنائه وأبناء البلدة أيضا. ولكن ذلك ما هو إلا الخطوة الأولى في طريق التعلم. وقد عاش الشيخ طويلا (ثمانين سنة) وتولى المشيخة (البركة) منذ حوالي ١٢٠٤. وكان هو الحامل لهذه البركة قبل الاحتلال الفرنسي وإلى وفاته سنة ١٢٦٠ (١٨٤٤). ومع ذلك لا نعرف له تأليفا أو وثيقة مكتوبة صادرة عنه تدل على علمه، ولم يجلس للدرس في أي فن من الفنون، حسب علمنا. والناس على دين شيوخهم.

وقد ترك الحاج علي التماسيني مجموعة من الأولاد (٢٢ ولدا) والأحفاد ندر من ظهر منهم في ميدان العلم، وإن كانوا قد برزوا في مجال التصوف والجاه، ومنهم ابنه محمد العيد الذي تولى بعده شؤون الزاوية، ثم أضاف إليها البركة بعد وفاة الشيخ محمد الصغير التجاني، كما أشرنا. وكان محمد العيد عارفا بأمور الدنيا والتصوف، وقد حج بيت الله، وزار تونس واطلع على بعض أحوال العالم، ومع ذلك لا نجده قد أسس كرسيا للتعليم في زاويته أو انتصب هو لذلك أو شجع عليه. وكان الشيخ محمد العيد معاصرا للشيخ محمد بن أبي القاسم في الهامل وغيره من أصحاب الزوايا التعليمية. ولو أراد محمد العيد ذلك لما أعجزه لتوفر المال من جهة وللعلاقة الخاصة مع الفرنسيين من جهة أخرى. وقد كان في إمكان الشيخ محمد العيد جلب المدرسين من تونس وغيرها للزاوية. وبعد وفاته سنة ١٢٩٢ خلفه أخواه على التوالي محمد الصغير ومعمر، ثم ابنه هو (ابن محمد العيد) الذي دام في المشيخة إلى ١٣٣١ (١٩١٢).

ولكن الزاوية التجانية بتماسين غيرت بعض الشيء من اتجاهها دون الإعلان الرسمي عن تبنيها للتعليم بالطريقة التي سارت عليها الزوايا الأخرى. فهي زاوية لا تعيش من التعليم، كالأخريات، ولكن من التصوف

<<  <  ج: ص:  >  >>