فهو محمد بن محمد بن أحمد بن رقية المعروف بالموسوم (أو الميسوم حسب النطق الشعبي). ولد حوالي ١٨٢٠ في غريب بين قصر البخاري ومليانة. وأمه هي فاطمة بنت العربي، من أعيان العائلات بالشلف الشرقي، ومنها عائلات سيدي العريبي، وسيدي الحاج محمد الأحمر، ومولاي العربي بن عطية، وكل هذه العائلات اشتهرت في عهد الأمير عبد القادر. وكان أبوه منحدرا من نسل الشيخ عبد العزيز الذي أسس قصر الشرف (أو الشارف) في جبال أولاد نائل حوالي القرن ١٦.
درس محمد الموسوم على الحاج الشافية بن سي العربي بن سي الطيب الهادفي، ثم درس على الحاج يعقوب. كلاهما علمه القرآن ومبادئ الفقه. وأظهر منذ طفولته ميلا للدراسة، وهذا ما وضع ثقة شيوخه فيه. ثم درس سيدي خليل على الشيخ ابن علي البريشي، الذي قد يكون من المغرب الأقصى، ولكنه استقر في غريب لتحفيظ القرآن لأبناء الناحية. ومن غريب توجه محمد الموسوم إلى مازونة التي كانت لها سمعة كمركز علمي وما تزال فيها آثار أبي راس وأحفاده. فتابع الدراسة بها على الشيخ أحمد بن هني وعلى غيره. ثم رجع إلى غريب دون أن نعرف كم بقي في مازونة ولا المستوى الذي وصل إليه، ولكنه رجع بزاد علمي وبشهرة شأن العائدين من رحلة طلب العلم. لقد أصبح عارفا بالعلوم العربية كالنحو والصرف وكذلك المنطق والعروض، بالإضافة إلى العلوم الدينية.
وتمشيا مع هوايته، افتتح الشيخ الموسوم عهد التعليم - ربما في نهاية الأربعينات - وهو عهد أخذت فيه ينابيع المعرفة تجف من البلاد بعد حروب المقاومة الطويلة وسياسة التجهيل المقصودة، كما ذكرنا. قبل الشيخ التلاميذ من كل الأعمار، وقسم دروسه إلى طبقتين أو مستويين، مبتدئين ومتوسطين. وبنى مسجدين صغيرين للتعليم، كان يعلم في أحدهما علوم الدين كالفقه والقرآن والتوحيد، وفي الآخر يعلم علوم اللغة والأدب كالمنطق والنحو والعروض. ويبدو أنه كان يحلم بمشروع كبير لو وجد الظروف والمناخ المناسب.