للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسلحة وإنما وجدت أوراق الشيخ فحملتها. وبعد ١٨٧٠ اتهمه الفرنسيون بمعارضة الحكم المدني، فهاجموا الزاوية أيضا وفتشوا أوراقه فوجدوا أن جنرالا فرنسيا كتب إليه رسالة، ربما لتوريطه، يطلب منه معارضة التغيير (من الحكم العسكري إلى المدني) الذي حدث في الجزائر، ولكن الشيخ كتب على هامش الرسالة بالرصاص أنه لا يتدخل في مثل هذه الأمور. كما خشيت منه السلطات الفرنسية يوم زار (سيرقين) أو الحمام الساخن جهة قصر الشلالة، فتجمع حوله الناس وأقاموا له حفلا كبيرا وصاخبا. ولكن الحفل مر بدون عواقب سياسية، كما يقولون (١).

رأينا أن الشيخ الموسوم كرس حياته للتعليم والدين والتصوف والتربية الروحية. وأنه كان مثالا للرجل المتفرغ لهذه الأمور فلم تغره المناصب الدنيوية التي عرضها الفرنسيون عليه، وكان في إمكانه أن يجعل علمه ودينه وشهرته مطية للدنيا، كما فعل بعض المعاصرين له. ورغم تشكك الفرنسيين فيه وشهادتهم بأنه كان يحاول الإبقاء معهم على الحد الأدنى من العلاقات وتهدئة الأوضاع زمن الثورات، فإنه تعرض إلى الإهانة واغتصاب أوراقه والاتهام بإخفاء السلاح. فما أصعب الحياة الكريمة في تلك السنوات البائسة من الحكم الاستعماري!.

توفي الشيخ الموسوم في ٣ فبراير ١٨٨٣ في قصر البخاري. وترك تأثيرا كبيرا في المناطق القريبة والبعيدة. ويذكر الدارسون أن نفوذه الروحي قد وصل إلى معسكر وندرومة وتلمسان ومستغانم ومليانة والمدية والقلعة وغيلزان والجزائر وما بين ذلك. ثم إلى الجلفة وأولاد إبراهيم، والبليدة وشرشال. ومن العائلات والأعيان الذين تأثروا به دون الدخول في طريقته:

١ - عائلة سيدي علي بن مبارك، وهم مرابطو القليعة، ولهم فيه محبة خاصة.


(١) تصرف الفرنسيون نفس التصرف مع زاوية طكوك السنوسية وشيخها عدة مرات. انظر حديثنا عن هذه الزاوية، فصل الطرق الصوفية.

<<  <  ج: ص:  >  >>