للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلقاسم في كونه غير مستقل في إعطاء البركة، إذ نازعه فيها أحمد بن الشيخ عدة، بينما الشيخ محمد بن بلقاسم لم ينازعه أحد في منح البركة بعد وفاة شيخه المختار بن خليفة. وتوفي الشيخ عدة في ٢٤ جمادي الثاني ١٢٨٣ (١٨٦٦). فأصبح الشيخ الموسوم هو الوريث (الشرعي) لبركة شيخه وبوصية منه. وكان مجاله واسعا يمتد عبر مناطق الجزائر والشلف والونشريس. لكن منازعة الشيخ أحمد بن عدة له جعلت سكان الونشريس تابعين لزاوية أولاد الأكراد، أما السكان القريبون من قصر البخاري، مثل أولاد عنتر وأولاد هلال، فقد اتبعوا الشيخ الموسوم. وقد شهدت عدة طرق هذا النوع من التنازع فكان الفرنسيون يوسعون من شقته إذا أرادوا أو يضيقون منه إذا كان ذلك يخدم مصلحتهم.

وكان للشيخ الموسوم مقدمون متعلمون، منهم محمد بن عبد الله في معسكر وقدور بن سليمان في مستغانم. وكلاهما اشتهر أمره واستقل عن شيخه أثناء حياته (١). وهذه الشهرة للشيخ الموسوم وكثرة الأتباع والزوار للزاوية لفتت إليه أنظار السلطة أيضا. و (يا ويح من أشارت له الأصابع، ولو بالخير). فقد ورد اسمه مرشحا لإدارة مدرسة الجزائر الشرعية الرسمية. وكان الفرنسيون يرغبون في احتواء نفوذ الشيخ ويخشون من تأثيره الديني والتعليمي الذي قد يمهد لانتفاضة كما فعل الشيخ الحداد. ولذلك استدعاه الحاكم العام وعرض عليه المنصب المذكور فاعتذر (٢) بالبقاء في خدمة الدين والعلم. وقد ازدادت شكوك الفرنسيين من حوله، خصوصا وإن أحد الجواسيس جاءهم بخبر كاذب وهو أن الشيخ يعد العدة لثورة وإن بزاوية غريب أسلحة. فداهمت القوات الفرنسية الزاوية أثناء غياب الشيخ فلم تجد


(١) قدور بن سليمان كان من المؤلفين وأصحاب النظرة الصوفية. وقد هاجر إلى الحجاز واستقر بالمدينة. وله آثار نعرض إليها في مكان آخر. وله مراسلات وتبادل إجازات مع عدد من شيوخ العصر في الجزائر وغيرها، ومنهم القاضي شعيب بن علي في تلمسان.
(٢) انظر ذلك في فصل الطرق الصوفية.

<<  <  ج: ص:  >  >>