للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لعدد ضئيل جدا منهم (١). فقد كان يجب بناء ٦٢٠ قسما (وليس مدرسة) سنويا للبنين فقط دون البنات، بينما لم تبن الحكومة سنة ١٩٣٨ سوى ٨٩ قسما. وأمام ذلك العجز، وذلك الإلحاح من الأهالي من أجل تعليم أبنائهم، صدر القانون المذكور بإنشاء المدارس القرآنية بدون طلب رخصة (٢).

لم يكن الجزائريون عاجزين عن تعليم أبنائهم لو لم يواجهوا العراقيل القانونية والمخططات الإدارية التي كانت تهدف إلى تحطيم الهوية العربية الإسلامية للجزائر من خلال طمس مؤسسات التعليم، كما كان بإمكانهم توفير التعليم لأبنائهم لو لم تستول السلطات الفرنسية على أموال الوقف الموجهة لخدمة العلم والدين، وكانت مطالبتهم بإرجاع حقوقهم من أموال الوقف قد ذهبت أدراج الرياح إذ تحول ما تقدمه منها فرنسا لهم إلى (مساعدة) خيرية للفقراء والمساكين خلال المواسم الدينية. وابتلعت الدولة الفرنسية أموال اليتامى والمعلمين والغرباء وفقراء مكة والمدينة والأشراف وأهل الأندلس، ونسي معظم الجزائريين ذلك، فأصبحوا لا يطالبون إلا بزيادة المساعدة الخيرية. ومن جهة أخرى أهملت الحكومة الفرنسية التعليم العربي للجزائريين إلا في المدارس الشرعية التي أسستها لتخريج الموظفين فقط، أما في المدارس الابتدائية فالتعليم كان بالفرنسية، وقد تستعمل العربية الدارجة معها. وكان القصد من ذلك هو إماتة العربية الفصحى أو لغة الكتابة والمطالعة والثقافة والتراث الإسلامي.

أخذت الغيرة على اللغة العربية بعض الرواد فأسسوا أول مدرسة قرآنية عصرية حرة في تبسة سنة ١٩١٣. وكان وراء هذا المشروع السيد عباس بن حمانة. فقد اجتمعت إرادة المحسنين ورواد الأفكار النيرة على تأسيس جمعية خيرية أولا باسم (الجمعية الصديقية الخيرية للتربية الإسلامية والتعليم العربي والاصلاح الاجتماعي) برئاسة ابن حمانة، وكان أمين المال هو الحاج


(١) انظر فصل التعليم الفرنسي والمزدوج.
(٢) افريقية الفرنسية A.F يوليو، ١٩٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>