عمر العنق. ومن أعضائها النشطين الحاج بكير العنق، أخو السابق. ويخيل إلينا أن المشروع كانت له دوافع، من ذلك بوادر النهضة التي أخذت تلوح في الأفق في عهد الحاكم العام شارل جونار حين برزت الصحافة والجمعيات والنوادي في المدن الرئيسية (سيما العاصمة وقسنطينة)، وزيارة الشيخ محمد عبده وانعقاد مؤتمر المستشرقين، ثم فرض التجنيد على الشباب سنة ١٩١٢. والمعروف أن القضية الأخيرة قد حركت المثقفين والقادة، فبينما المثقفون بالعربية عموما رفضوا فرض التجنيد مهما كانت الوعود الفرنسية، وقف المثقفون بالفرنسية معه بشرط أن تعد فرنسا بمنحهم الحقوق السياسية الكاملة. ومن الدوافع في نظرنا إحداث مدارس مشابهة في تونس. فمنذ ١٩٠٧ أسس الشيخ بشير صفر المدرسة القرآنية التي نجحت نجاحا كبيرا، كما انفصل عنه الشاذلي المورالي وأسس مدرسة السلام القرآنية أيضا. وكلتاهما كانت على الطراز الحديث، وكانت تعلم مختلف العلوم بما في ذلك اللغة الفرنسية. فمن يدري، لعل رواد المدرسة القرآنية العصرية في تبسة قد تأثروا بكل ذلك.
تحدث محمد علي دبوز عن المدرسة الصديقية رواية عن أحد شهودها وهو الحاج بكير العنق وأحد تلاميذها وهو الصديق سعدي، وكذلك نقلا عن جريدة (الصديق). فقد كانت المدرسة تقع في بناية من أربعة طوابق تبرع بها للجمعية الحاج بكير بن عمر المرموري. وكانت للمدرسة مكتبة وصيدلية ومطبخ. واعتمدت في تعليمها برنامجا حديثا يهتم بالتربية الإسلامية وبالقرآن والأخلاق، والتاريخ الإسلامي - بما في ذلك تاريخ الجزائر - والجغرافية، كما اشتمل على المواد الرياضية والرياضة البدنية واللغة الفرنسية. ونص البرنامج على أن تكون مدة الدراسة ثماني سنوات. وللتلاميذ الواردين من بعيد قسم داخلي للإقامة. وكان على التلميذ أن يدفع مبلغا ماليا زهيدا. وللمدرسة قانون داخلي طبع في تونس، نص على أن هدفها هو إحياء اللغة العربية في تبسة. وهكذا تبلور المشروع ثم انطلق يحقق هدفه.
وبعد بضعة أشهر صدر الأمر بغلق المدرسة من السلطات الفرنسية،