للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنقاض الكتاتيب (١). ويقول المرحوم أحمد توفيق المدني: أن مصطفى حافظ أول من فكر في التعليم الحر، أي التعليم القرآني المنظم. ولكن المدني لاحظ أن مشروع مصطفى حافظ كان فرديا، فولد ضعيفا وبقي ضعيفا (٢).

أسس مصطفى حافظ مدرسة سماها (الفلاح)، وهو اسم استفتاحي معبر، وفيه رمز ديني وفهم صوفي واضح. وأنشأ لها أيضا جمعية سميت جمعية الفلاح، استطاعت أن تجمع للمشروع أربعمائة (٤٠٠) ألف فرنك لبناء محل خاص (مدرسة) للتعليم العربي، وشراء دار لاستعمالها كمقر رسمي لهذه الجمعية، ولإيواء التلاميذ الذين لا يجدون مكانا لهم في المدارس الدينية المسيحية، وتعليمهم القرآن والعلوم العربية والإسلامية بطريقة حديثة (٣). ويقول محمد العابد الجلالي عن مصطفى حافظ أنه قضى في مصر مدة وأخذ العلوم هناك ثم رجع إلى الجزائر. ففكر في وسيلة تفيد الأمة (الشعب)، فوجدها في إنشاء (مدرسة قرآنية) تفيد الأطفال، ولما فعل ذلك هرع الناس إليه واتضحت لهم نتائج أعماله. ووصفه بالشاب النشيط و (البطل) وقال أن من حق العاصمة أن تفتخر به. وقد زار الجلالي هذه المدرسة حوالي ١٩٢٥ والتقى بصاحبها فأطلعه على برنامج المدرسة، كما وزعه على أيام الأسبوع، ووجده الجلالي برنامجا جيدا، في نظره، كما وجد الشبيبة (تفيض أعينهم بالأمل البعيد والقريب) (٤).

ولا ندري كيف انتهت تجربة مصطفى حافظ الرائدة أيضا، غير أننا نعرف أن مدرسة أخرى ظهرت في العاصمة حوالي نفس الوقت. ونعني بذلك (مدرسة السلام) الحرة التي تأسست سنة ١٩٣٠. وكانت معدة لتعليم البنين والبنات، ومتخصصة للتعليم العربي الإسلامي والمبادئ الدينية.


(١) أشار إلى ذلك الوفد المصري إلى مؤتمر المستشرقين في الجزائر ١٩٠٥ ة سيما عبد العزيز جاويش ومحمد فريد.
(٢) أحمد توفيق المدني (كتاب الجزائر) ط.٢.
(٣) نفس المصدر.
(٤) محمد العابد الجلالي (تقويم الأخلاق) ص ١٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>