للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هنا، فقد كان يهدف إلى الإحياء الثلاثي الذي أشرنا إليه (الإسلام، الجزائر، العربية)، وهو موجه أساسا إلى الأطفال الذين حرموا من التعليم في المدارس الفرنسية. وكان العلماء ينافسون بمدارسهم المدارس الفرنسية، ولكنهم لا يعارضونها، فبرنامجهم كان يخضع لبرنامج وتوقيت هذه المدارس، وهم يعلمون التلاميذ الذين يذهبون إلى المدارس الفرنسية أيضا ويوفقون بين توقيتهم هنا وهناك. وكان ذلك على حساب التلاميذ أحيانا إذ كان عليهم أن ينهضوا أو يناموا ويعملوا في أوقات ضيقة جدا. أما التلاميذ الأحرار فليس هناك مشكل بشأنهم. غير أن التنافس بين التلاميذ في النوعين من المدارس قد أحدث غيرة وشعورا بالتعالي والتمايز من الطرفين.

ولم يكن العلماء قد وضعوا كتبا ومقررات جديدة تتلاءم مع طموحهم في حركة الإحياء. فاعتمدوا في البداية على تقليد المعاهد الإسلامية. كانت معظم الكتب التي تدرس في مدارس تونس ومعاهدها كالزيتونة، وبعض معاهد الشرق ومدارسه تطبق في مدارس العلماء أيضا. وكان العلماء قليلي العدد في البداية وإمكاناتهم في التأليف والطبع ضعيفة، ولذلك كانوا يلجأون إلى الإملاءات. وبمرور الزمن أصبحت مدارس العلماء تتوفر على معلمين قادرين على التأليف حسب التجربة المحلية. فالكتب تحتوي على تعابير وأمثلة لا تتلاءم مع المتعارف عليه في البيئة الجزائرية. وهكذا ظهرت - سيما بعد الحرب العالمية الثانية - مؤلفات مدرسية في مختلف الفنون من الإنتاج المحلي. على أن ذلك لا يعني الاستغناء تماما عن التأليف المشرقي.

بالإضافة إلى المواد التقليدية من علوم الدين وعلوم اللغة، اهتم العلماء بالتاريخ الإسلامي وتاريخ الجزائر وجغرافيتها. وكان الفرنسيون قد أهملوا ذلك أو أدمجوا التاريخ والجغرافية في البرنامج الفرنسي على أن الجزائر جزء من فرنسا. أما العلماء فقد ركزوا على إحياء التاريخ الإسلامي ودور العرب والحضارة الشرقية، وخصائص الجغرافية الوطنية والسكان وارتباطاتهم اللغوية والعرقية والدينية والطبيعية على أنهم يمثلون وحدة وطنية. كما وظف العلماء في مدارسهم العلوم الحديثة المكملة مثل الرياضة

<<  <  ج: ص:  >  >>